التدابير السعودية الصارمة بحق مجموعة بن لادن تلقي بظلها على مستقبل الشركة
21-09-2015 10:03 PM
عمون -احدثت التدابير الصارمة التي اتخذتها السعودية بحق مجموعة بن لادن العملاقة للمقاولات بسبب حادث الرافعة في مكة المكرمة مفاجأة في المملكة، وهي تدابير قد يكون لها تداعيات خطيرة على احدى اهم الشركات واعرقها في البلاد.
وبعد ان استفادت مجموعة بن لادن لسنوات من العقود الحكومية الضخمة، باتت الآن تواجه تحقيقا وتعليقا لاهليتها للتقدم لمشاريع جديدة بعد انهيار احدى رافعاتها العاملة ضمن مشروع توسعة الحرم المكي.
والحادث الذي وقع في الحادي عشر من ايلول/سبتمبر اسفر عن مقتل 108 اشخاص واصابة حوالى اربعمئة بجروح، وبين هؤلاء عدد من الاجانب الذي وصلوا الى مكة لاداء شعائر الحج.
ويؤكد مراقبون ان الملك سلمان المسؤول رسميا عن خدمة وحماية الحرمين الشريفين، انزعج كثيرا من الحادثة وقرر اخذ تدابير صارمة وسريعة بحق مجموعة بن لادن التي اسسها قبل ثمانين عاما والد الزعيم السابق لتنظيم القاعدة اسامة بن لادن، ويديرها حاليا اخوه بكر بن لادن.
وقال دبلوماسي غربي في السعودية ان السلطات شعرت ب"الاحراج" بسبب الحادثة وعبر عن تفاجؤه ازاء السرعة الكبيرة في اتخاذ التدابير بحق مجموعة بن لادن وتحمليها جزءا من المسؤولية بعد ايام قليلة من وقوع الحادثة.
وقال الدبلوماسي "عادة تأخذ الامور وقتا طويلا هنا".
واظهر تحقيق اولي ان مجموعة بن لادن مسؤولة جزئيا عن الحادث لان الرافعة كان في وضعية خاطئة ما عرضها للانهيار بسبب الرياح القوية التي هبت.
وطلب الملك سلمان اجراء تحقيق موسع الا انه اتخذ تدابير فورية بما في ذلك منع مجموعة بن لادن من التقدم لعقود حكومية جديدة ومنع كبار مسؤولي الشركة من السفر قبل انتهاء التحقيق.
ورأى محللون ان التدابير صارمة بشكل مفاجئ نظرا الى عراقة الشركة والعلاقات التاريخية التي تتمتع بها مع السلطات السعودية.
وقال محلل سعودي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "انه امر صادم"، معتبرا ان اي تدابير يمكن ان تضر بالشركة تشبه قيام "الولايات المتحدة مثلا بتدمير شركة جنرال موتورز".
وبالنسبة للمحللين، ليس واضحا مدى تأثر الشركة على المدى البعيد بالتدابير التي اتخذت بحقها، الا انها ستعاني بكل تأكيد اذا ما اصبحت الحكومة ضدها.
ولمجموعة بن لادن وزن كبير وجذور ضاربة العمق في الاقتصاد السعودي، الا انه ليس من الواضح حجم هذه الشركة المملوكة لعائلة بن لادن وغير المدرجة في سوق المال.
وقال المحلل جيسن توفي من مجموعة كابيتال ايكونوميكس "مثلها مثل الكثير من الامور في السعودية، عمليات الشركة وماليتها ليس واضحة".
وشركة بن لادن التي بدأت بشكل متواضع من خلال شق الطرقات في جبال وصحاري المملكة باتت الآن واحدة من اكبر شركاء المقاولات في العالم.
وقال مقاول يعمل في السعودية منذ سنوات طويلة "انهم (بن لادن) متغلغلون جدا في اقتصاد البلاد ويتمتعون بعلاقات ممتازة".
وقد ربحت الشركة التي مقرها جدة عشرات العقود الحكومية العملاقة، بما في ذلك بناء جامعات ومستشفيات وطرقات اضافة الى توسعة الحرم المكي.
وقامت الشركة ببناء مبان اصبحت ايقونات عمرانية مثل برج الفيصلية في الرياض وبرج ساعة مكة الملكي، وهو ثالث اكبر برج في العالم.
كما ان مجموعة بن لادن هي المقاول الرئيسي في مشروع برج المملكة في جدة، وهو برج تبلغ كلفته 1,2 مليار دولار ويفترض ان يصبح اعلى برج في العالم بعد الانتهاء من بنائه.
وتعذر الاتصال بمسؤولين في الشركة للحصول على تعليق.
وسيتابع المراقبون مجرى التحقيق للتأكد من ما اذا كانت الشركة امام خطر فقدان ثقة الحكومة بشكل كامل.
وحتى قبل حادثة سقوط الرافعة، سرت شائعات حول انزعاج لدى بعض دوائر صناع القرار من مجموعة بن لادن.
وكان المغرد الغامض "مجتهد" المعروف بتسريبه لمعلومات يقول انها من داخل اروقة الحكم، نشر في اب/اغسطس تغريدات اشار فيها الى ان مصير مجموعة بن لادن غير واضح.
وقال الدبلوماسي الغربي في هذا السياق "هناك الكثير من التضارب في المصالح".
وبحسب الدبلوماسي، فانه في حال انتهى التحقيق بسرعة دون اتخاذ اي تدابير كبيرة بحق مجموعة بن لادن، فان ذلك يعني بان السلطات كانت تريد فقط ان تظهر قدرا من الحزم بعد الحادثة المميتة.
اما اذا طال التحقيق واستمر وضع الشركة جانبا، فان ذلك "يعني على الارجح ان هناك مصالح تلعب دورا في مكان ما".(أ ف ب)