ضجت أوروبا ببضعة آلاف من اللاجئين السوريين الذين لجأوا إليها في السنة الخامسة للأزمة , وكأن الأردن تلقف الآلاف منهم في شهرها الأول.
اتخذ الضجيج الأوروبي مسارين , الأول رافض لإستقبالهم وقد تجلى ذلك بوضوح في صور وضعتها وسائل الإعلام تحت العدسة المكبرة لمصورة صحافية تعرقل سوريا لاجئا ومعه إبنه , والثانية إنسانية , فها هو الأب وإبنه يلتقطان الصور في ملعب ريال مدريد مع نجم الكرة كريستانو رونالدو.
نجحت الماكينة الإعلامية الأوروبية في تطهير الصورة وقلبت الكراهية لهؤلاء اللاجئين العرب والمسلمين الى دموع وتعاطف مع حالاتهم , وبسرعة ضخت مئات من الصور والمشاهد المماثلة لتزيل تهمة الإنفصام بين المباديء والسلوك وصفقنا لهم وللإنسانية التي تحلوا بها ولم يكترث لها العرب فإنهالت الأموال لإغاثتهم , في المقابل بقيت آلاف المشاهد الأكثر تعبيرا وصدقية وهي تلك التي تحدث كل دقيقة على الحدود الشمالية للأردن غائبة , ولم تجتذب كل نداءات المساندة سوى35% من كلفة لجوء 4ر1 مليون سوري وتبلغ 4ر2 مليار دولار سنوياً.
لم يبق مسؤول سياسي ولا إقتصادي أو إنساني الا وزار الحدود ومخيم اللاجئين , لكن كل التعاطف والتقدير والتثمين الذي تلقاه الأردن وقواته المسلحة نظير الجهد والإستطاعة التي فاقت الإمكانات لم يرواح تلك البقعة , هل المشكلة في وصول الصورة الى الرأي العام العالمي ,؟
الإعلام العربي النافذ الى العالم إنقسم حيال الحالة الأردنية الى قسمين , ذهب الأول الى تضييق الصورة وأسبغ عليها الشكوك في الإحصاءات وفي إدارة المساعدات , أما الثاني فلم يمنح مساحة للتغطية , وترك للسياسة والخلافات حولها دفة توجيه الصورة !.
حلّ الخلاف حول الأعداد في محل التفكير في وسائل مواجهة المعاناة التي تكبدها هذا البلد , هل عدد اللاجئين السوريين في الأردن هم فقط الذين تقول مؤسسات الاغاثة الدولية أنها سجلتهم وعددهم نحو 546 ألف أم هم المقيمون في المخيمات أم أنهم أولئك المليون ونصف المليون المتواجدون الذين يقول الأردن أنهم متواجدون على أرضه داخل المخيمات وخارجها؟.
ريما سنحتاج الى تغيير الخطاب الإعلامي ومغادرة الحديث فقط عن مخيمات اللجوء السوري الى الصورة الكاملة للأزمة في المدن والقرى والمدراس والمستشفيات وسوق العمل وفي الشوارع ليشاهد العالم الصورة الكاملة. الراي