صناعتنا الكحولية .. ومصلحتنا
باسل الرفايعة
20-09-2015 08:42 PM
الكتابةُ عن المشروبات الكحولية على الفيسبوك لا تُشكل انتهاكاً للقانون الأردني، إلا إذا حثّت الأطفالَ والمراهقين على شرب البيرة مثلاً، أو امتدحت قيادةَ السيارات تحتَ تأثير الكحول. أو شجّعت على تهريب العَرَقِ من بلادِ أردوغان. وكل هذه المخالفات تُواجه بعقوباتٍ تشريعية صارمة.
القانون الأردنيُّ يسمحُ ببيع الكحولِ لمن هم فوق الثامنة عشرة. ونحنُ بلدٌ سياحيّ، ولدينا متاجرُ لبيعها في معظم المدن، وتفرضُ عليها الدولةُ ضريبة وجمارك، بنسبةٍ عاليةٍ جداً، ما يجعلها تشكّلُ دخلاً ممتازاً للخزينة، يستفيد منه الأردنيون في دورة الاقتصاد العامة.
الأهم، لدينا صناعةٌ متطوّرة في هذا المجال. الكحوليّات الاردنية (المُخمّرة والمقطّرة) في مصانعنا باتت منافسة عالمياً في جودتها ومذاقها ومدخلاتها الانتاجية، ولدينا أنواعٌ تُطبّقُ المواصفات الأوروبية، وباتت تتوافرُ في الأسواق الخارجية، والمطلوب دعمها تسويقيّاً.
طبعاً، الحكومةُ وإعلامها الرسمي وأجهزتها المساندة مقصّرة جداً في هذا الجانب، وهي تُقدمُ اعتباراتِ التشدُّد الدينيّ والاجتماعيّ على القانون، وعلى الاقتصاد الوطنيّ. لا يوجد دعمٌ اعلامي وتسويقيّ لما ننتجه من بيرة ونبيذ وعَرَق، وغيرها، مع علم الحكومة بأرقام الاستهلاك المحليّ العالية، ولكنها تُفضّل التعتيم، بما يشبهُ التواطؤ مع المزاج العام، على حساب المصلحة العامة!
تخشى الحكومةُ من الاسلام السياسي، ومن حلفائه، ومن ناشطيه الالكترونيين الذين يشنّون دعوات المقاطعة لأي قناة، أو صحيفة، ويُثيرون نوازع خطرة جداً، فيما هم يسكنون إلى جانب سوبر ماركت، يبيع المشروبات الروحية، ويشاهدون بأعينهم من هم زبائنه الذين يُواصلون الشراء طوالَ النهارِ الليل. وهم أنفسهم يعرفون تماماً سلوكَ الشراب في المجتمع الاردني. من هم الذين يشربون في بيوتهم، وكميات استهلاكهم القليلة، مقارنةً مع الذين يأخذون مع "المشروب" مزيداً الأكواب البلاستيكية والثلج، ثم "ينقطعون" آخر الليل، ويذرعون عمّان طولاً وعرضاً، بحثاً عن المتاجرِ التي لا تنام.
هذه جوانب مسكوتٌ عنها. الدولة تعرفُ. والناس يعرفون. لكن حذار أنْ تتحدّثَ عن ذلك في الإعلام. ولعلكم تذكرون الضجّة السيئة والجاهلة ضد مدير عام المواصفات الأردنية الرجلّ الوطنيّ المحترم حيدر الزبن، حينما دعا قبل أشهر المزارعين الى زراعة عنبٍ، يصلحُ لصناعة نبيذ، لتصديره إلى الاتحاد الأوروبي، مقدّراً العوائد من ثلاثة الى أربعة مليارات دولار، ووصفَ نبيذنا بـ"بترول الأردن".
شخصياً، أواصل الكتابةَ عن سهولنا وسفوحنا وجبالنا، وما تنتجه من كحوليّات مدهشة، ما دمتُ لا أخالفُ القانون. أشجّعُ صناعةَ بلادي، وأفخرُ بها، وبسمعتها، وأطالبُ الحكومة الأردنية أنْ تتخلّى عن ترددها وخوفها وحذرها، حينما يتعلّقُ الأمرُ بمصلحتنا. واذكّرها أننا نعيشُ في العام 2015..
عن صفحته عالفيسبوك.