المحافظون والليبراليون والهم الاقتصادي
د. محمد عبيدات
22-05-2008 03:00 AM
يلاحظ المراقب الاقتصادي ( سواء كان خبيرا أو شخصا عاديا) إن أداء الفريق الاقتصادي منذ بدء تنفيذ برامج الاصلاح الاقتصادي عام 1989 وحتى الآن كان وما زال يتسم بضعف المعرفة للمضامين الاجتماعية للنظريات الاقتصادية والتشريعات المطلوبة لتطبيق الفلسفة الإقتصادية للدولة. ولربما كان السبب في ضعف المعرفة أو الخبرة للفريق الاقتصادي في التعامل الصحيح مع المضامين الاقتصادية للظروف السياسية المحيطة بالأردن بالاضافة الى تواضع مهاراتهم في ادارة عمليات الخصخصة التي حدثت وما زالت تحدث في بلادنا منذ التسعينيات وليومنا الحالي.
لذا كان عجز هذا الفريق الاقتصادي واضحا من خلال تحليل ما تم تنفيذه من خطط وسياسات وبرامج اقتصادية خلال تلك الفترة الزمنية والذي أظهر عدم كفاءة هذا الفريق في ادارة شئونناالاقتصادية جملة وتفصيلاوما ساعد على هذا الوضع السلبي في ادارة شئوننا الاقتصادية الخروج المفاجئ أو غير المخطط للقطاع الحكومي من مجمل العملية الاقتصادية بأبعادها المختلفة والزام القطاع الخاص الذي كان في الأصل غير مؤهلاً لادارة عمليات التنمية الاقتصادية لصالح كافة الأطراف يضاف الى ذلك ان عمليات التحول الاقتصادي من فلسفة الاقتصاد الموجه لفلسفة اقتصاد السوق وبدون مرحلة انتقالية اوجد خللا واضحا في اداء كافة القطاعات الاقتصادية الأمر الذي بطريقة سلبية على مستوى المعيشة لدى الشرائح الاقتصادية المتوسطة والدنيا. كما نعكس هذا الأداء السلبي في الجانب الاجتماعي لفلسفة اقتصاد السوق على ارتفاع معدلات البطالة والفقر الى مستويات قياسية يصعب السيطرة عليها في المستقبل القريب أو البعيد الأمر الذي جعل عملية ايجاد الحلول الناجعة لها ظاهرة مقلقة تهدد النسيج الاقتصادي بمنظوره الاجتماعي. كما يرجع ضعف أداء الاقتصاد الأردني الى مجموعة من الاسباب الموضوعية منها الخروج المتسرع وغير المدروس للقطاع العام الحكومي من كافة القطاعات الاقتصادية بالاضافة الى العجز الواضح في وضع البدائل أو السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي تحافظ على حقوق الطرف الضعيف ألا وهو المستهلك بالاضافة الى اسناد الأمر كله الى قطاع خاص قاصر غير مؤهل والذي هو صنيعة الحكومات حيث انه من من المعروف أنه نشأ وترعرع في حضن الحكومات المتعاقبة ولدوافع مختلفة. كما أن غياب ثقافة المستهلك الرشيد والتي كانت وما زالت موجودة وقد يكون مقدراً لها أن تستمر بهذا الشكل خدمة لهذا القطاع أو ذاك. ولا ننسى برامج الخصخصة وممارساتها غير المدروسة في بيع بعض الأصول الوطنية والتي تتحقق لموازنة الدولة منها العائدات والإيرادات المعقولة وذلك بسبب التسرع في عمليات الخصخصه التي تم تنفيذها بواسطة أفراد ليس لديهم التأهيل والتكوين الكافي في مثل هذه الأمور.
وللإنصاف لا يجب أن ننكر مساهمات كل من المحافظين واليبراليين في عمليات تحريك الاقتصاد الاردني بأبعاده وقطاعاته المختلفة في فترات زمنية محددة بالرغم من اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تحرك قرارات التنمية الاقتصادية لدى هذا الجانب أو ذاك.
ولاضفاء المزيد من الموضوعية على نقاشنا لا بد لنا من الاعتراف بأن كلا الفريقين محافظين كانوا أم ليبراليين لم يكونوا مقتنعين بأهمية الدور الفاعل الذي يمكن أن يلعبه بعض الخبراء في مجالات السياسة والاقتصاد والمالية والمحاسبة والتسويق والادارة ونظم المعلومات التكنولوجية وغيرها في عمليات وضع الخطط ذات الأهداف الواقعية ورسم السياسات والبرامج الاقتصادية المناسبة والمقبولة من قبل كافة الأطراف وعلى المستويين الكلي والجزئي.
كل هذا الأمر ادى الى غياب المرجعية المؤسسية والمتخصصة في شئوننا الاقتصادية.
ذلك أن ايجاد هذه المرجعية المؤسسية المسلحة بالعلم والمنطق هو الذي يجب ان يحدد مسارات العمل في بلدنا وبما يحقق مصالح كافة أطراف العملية التبادلية وتحت رعاية السلطة التنفيذية صاحبة السيادة والقرار.
أخيراً، إن المعالجة العلمية لقضايا نهجنا الاقتصادي الاجتماعي يجب أن تتسم بالشفافية والمساءلة وباشتراك ومساهمة كافة الأطراف من محافظين وليبراليين وأفراد عاديين لآن مصلحة الوطن فوق الجميع.