لماذا يتنصل وزير من تصريحاته؟!
محمد أبو غوش
19-09-2015 03:42 PM
من هو الوزير الشجاع الذي فوض صحفيا بان يبث على لسانه اي تصريح دون الرجوع اليه
والسؤال النقيض له لماذا يتنصل وزير من تصريحات افضى بها لصحفي؟
استاذن القارئ الكريم لاضعه امام مثلين متناقضين يواجهما الصحفي في اداء عمله؛ ففي المثل الاول حيث كنت اغطي انباء وزارة الزراعة هنا مندوبا في وكالة الانباء الاردنية في عهد الوزيرالمثالي سامي ايوب وفي ضوء طبيعة العمل وتواصله والممارسة الواقعية في بث تصريحات الوزير على امتداد فترات السنين وفي الميدان ومرافقته في جولاته الميدانية ومع ممثلي الصحافة والاعلام والتلفاز بين المزارعين حصلت من الوزير الانسان على ارقى جائزة يمكن ان يحصل عليها اي زميل في مهنة الصحافة اذ ابلغني الوزير الانسان المتميز في عطائه وثقته الاكيدة بادائه المميز انه بامكاني ان ابث على لسانه اي تصريح صحفي يتعلق باداء وزارته دون الرجوع اليه.
ويشهد الله ان هذا التفويض المفتوح بالقدر الذي اشعر معه بالاعتزاز والفخر الا انه كان حملا ثقيلا وعبئا كبيرا جعلني اكثر تمحيصا وتدقيقا وتشددا في مراجعة اخبار وزارة الزراعة على وجه الخصوص وتصريحات السيد الوزير بشأنها وتدقيقا في الاداء المهني ومراجعة للنفس والذات حتى اكون بمستوى ما ائتمنني عليه الوزير.
وشاء الله تعالى ان انجح في هذا الامتحان الصعب العسير الذي حملني من المسؤولية وشد الاعصاب ما لا طاقة لاحد بتحملها الا بشق الانفس وشد الاعصاب الى ان غادر الوزير الانسان موقعه الوزاري بعد ان اعانني المولى عزو جل على اجتياز هذا الامتحان الاول في حياتي المهنية الطويلة التي وضعني بها الوزير وهي تجربة تدعو الزملاء الى مزيد من تحمل المسؤولية واداء المهنة بكل امانة وثقة وان يكون الزميل امينا في ادائه المهني وعلاقته بمن يأتمنونه على الاخبار وبخاصة لدى استخدام الارقام وتدقيقها بجدية لانه لا اجتهاد في استخدام الارقام والاحصاءات والوصول الى النتائج غير السليمة حتى تكون دليلا معك لا عليك او التوسع في الاجتهادات غير المستحبة.
وعليَّ ان اسجل بكل فخر واعتزاز انه لولا المساندة والدعم والتعاون الاخوي الذي لقيته وحظيت به من قسم الاعلام الزراعي بالوزارة في حينه برئاسة المهندس احمد ابوعلي العنبتاوي والفريق الاعلامي بتعاون احمد الدباس وزهدي نور الدين الذي تحول للمحاماة لاحقا وآخرين من الزملاء بمهنية عالية لما تمكنت من اجتياز الامتحان العسير الذي وضعني الوزير المميز في مواجهته.
واما المثال الآخر عنوان هذه القطعة الاخبارية فهو لماذا يتنصل وزير من تصريحات افضى بها لصحفي؟
واستاذن القارئ هنا لتاكيد ان اهم معضلة يواجهها الصحفي في الميدان وتتمثل بانكار المسؤول انه صرح لهذا الصحفي او ذاك لا بل يزيد المسؤول وينكر انه رأى هذا الصحفي، وكنت شاهد اثبات كما يقول القانونيون او الشاهد الرئيسي على معضلة انكار مسؤول لتصريحاته.
فخلال عملي بوكالة الانباء الاردنية الرسمية حصلت على تصريح من هذا المسؤول وبعد بث التصريح في نشرة الساعة السادسة مساء من الاذاعة الاردنية – قبل استخدام التلفاز – وكانت نشرة مسموعة في توقيتها اتصل بي المرحوم الصحفي فخري اباظة ليقول لي ان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في حينه اتصل به و ينكر انه افضى بهذا التصريح لي وينكر انه ادلى اليوم باي تصريح للانباء الاردنية
وطلب مني الاجابة قلت له ان الاجابة واضحة ففي نشرة الساعة الثانية بعد الظهر في ذاك اليوم وكانت تعتبر نشرة رئيسة اذاعت الاذاعة الاردنية تصريحه لي فلماذا لم يعترض او ينكر هذا التصريح او ينكر انه راني وفي نشرة الساعة السادسة اذعت له تصريحه الاخر
وبعد ان سمع فخري اباظة المشهور بحدته وعصبيته في الوسط الصحفي ردي ودليلي القاطع على ما انكره الوزير في محاولة لتكذيب وادانة المراسل هاتف المسؤول وجرى بينهما حوار اظنه لم يكن وديا
وتوضيحي لزملائي لهذا المشهد الذي يعتبر من اصعب ما يواجه الصحفي ان الله سبحانه وتعالى اعانني على تلافي انكار هذا الوزير فبعد ان قرات تصريح الوزير وجدت ان التصريح يتضمن موضوعين مختلفين فاجتهد ت ان ابث لنشرة الساعة الثانية الجانب الاول من التصريح دون التاثير على الجانب الثاني من التصريح لابثه لنشرة الساعة السادسة مساء وهو ما تم فعلا.
وكان هذا الاجتهاد حبل النجاة لي من انكار الوزير وتبعات ذلك والسؤال للزملاء الصحفيين لولا انني اجتهدت في هذا الخيار فماذا سيكون الوضع لاي صحفي بعد نكران الوزيرنائب رئيس الوزراء ايضا والجواب واضح كما يقال باللغة القانونية شكلا ومضمونا القضية كسبانة لصالح الوزير نائب رئيس الوزراء في مواجهة المراسل الصحفي وبخاصة في تصريحات سياسية.
ان هذا المثل يوجب على الصحفي ان يتسلح بالاسباب التي توفر له عوامل الامان في مهنته وتوثيق ما يقدم عليه لسببين اولا يتجنب اي توريط من اي كان وان يكون اكثر ثقة ومصداقية فيما ينشر او يبث.
الم نقل في البدايات والنهايات ان الصحافة هي مهنة المتاعب ويمكن ان تكون ابلغ من هذا الوصف بل واشد بؤسا وايلاما؟