ولاء قبائل اليمن حاسم مع زحف قوات التحالف العربي صوب صنعاء
19-09-2015 12:29 AM
عمون - مع زحف قوات التحالف العربي الخليجي عبر صحراء وسط اليمن إلى الجبال المؤدية للعاصمة صنعاء حيث يبسط الحوثيون هيمنتهم.. تعد استمالة القبائل التي تحكم هذه المنطقة والمسلحة تسليحا كثيفا أمرا لازما.
والولاءات مختلفة في هذه المحافظة التي تحمل ثروتها النفطية المتواضعة أهمية بالنسبة لليمن الذي يعيش أكثر من نصف سكانه في فقر حتى قبل الحرب.
معظم قبائل المنطقة والمعروفة بشدة بأسها متحالفة الآن مع الدول الخليجية لكن هناك أيضا أصدقاء للحوثيين الذين ينتمي معظمهم للطائفة الشيعية اليزيدية التي تحمل أوجه اختلاف عن المذهب الشيعي المتبع في حليفتهم إيران. كما أن هناك حلفاء لوحدات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
يجوب المقاتلون القبليون -وكثير منهم تخطوا لتوهم سن البلوغ- الطرق التي غطتها الرمال بعرباتهم على مشارف قاعدة صافر التي يديرها التحالف الخليجي. وهم يلعبون دورا حاسما في المجهود الحربي حتى وإن كانوا أقل تنظيما وتسليحا بكثير من قوات التحالف.
وقال جندي إماراتي يعمل بقاعدة التحالف العربي الذي تقوده السعودية في صافر إن القوة العربية تعتمد على المقاتلين اليمنيين المحليين في حراسة الموقع لكن عند محيطها فقط.
وتحرص القوات العربية الخليجية على عدم التجمع في مكان واحد منذ هجوم صاروخي شنه الحوثيون هذا الشهر وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن 60 قتيلا من الإمارات والسعودية والبحرين. ويبيت الجنود الآن في أماكن متفرقة معظم الوقت ويتجمعون في مجموعات أصغر.
ويقول يمنيون من مأرب إن السياسة الجديدة ربما نجمت عن قلق من أن يكون يمنيون قد سربوا معلومات للحوثيين عن موقع القاعدة قبل الهجوم الصاروخي في الرابع من سبتمبر أيلول.
وتقدم الإمارات للمقاتلين المحليين مئات الدولارات شهريا -حسبما قال جندي إماراتي- وهو مبلغ ضخم بمعايير هذا البلد الفقير. وقال الجندي إن التحالف وزع أيضا بنادق جديدة وأحزمة ذخائر لكن اليمنيين مازالوا يطلبون المزيد.
قال مازحا "أعطيناهم الكثير لكنهم يقولون: نحتاج مزيدا من السلاح ومزيدا من السترات الواقية وشاحنة تويوتا هيلوكس وأن تكون موديل 2015."
كان الحوثيون قد تقدموا جنوبا العام الماضي بمساعدة موالين لصالح في الجيش من معقلهم الشمالي ليسيطروا على العاصمة صنعاء قبل أن يتقدموا بشكل خاطف هذا الربيع صوب عدن آخر مدينة تخضع لسيطرة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ولأن السعودية تخشى أن تستغل غريمتها إيران نفوذ حلفائها الحوثيين باليمن في زعزعة استقرارها فقد شكلت تحالفا يضم دولا عربية ويدعمه الغرب لطرد الحوثيين وتمكين هادي من ممارسة مهام منصبه بالبلاد.
وبعد شهور من الضربات الجوية المكثفة وجمود الوضع على الساحة تمكن التحالف العربي من استعادة عدن وما حولها في يوليو تموز وهو ينطلق الآن من الحدود السعودية إلى مأرب الواقعة إلى الشرق من صنعاء باعتبارها منصة إنطلاق هجوم باتجاه العاصمة صنعاء.
* لا نظام .. ورحابة صدر
ينتقد بعض العسكريين في القوات العربية الخليجية مشاركة مقاتلين قبليين في القتال مشككين في قدراتهم القتالية ومشيرين إلى افتقارهم للتكتيكات العسكرية اللازمة.
قال جندي طلب عدم نشر اسمه لكنه ذكر أنه خدم في أفغانستان "هم حمقى يطلقون النار بلا تمييز. هم ليسوا مقاتلين نظاميين. لا أحب أن أقاتل في مكان هم فيه."
وعلى مبعدة من هذه القاعدة تقبل حسن طالب -وهو مقاتل قبلي من مأرب- الانتقاد بصدر رحب. قال "هذا صحيح. لا يكون هناك نظام حقيقي عندما يقاتل رجال القبائل. الأسلوب المحلي هو وحده السائد."
يؤكد أنه اشترى حزام ذخيرته الجديد بنفسه من السوق السوداء الرائجة في مأرب. لكنه ومقاتلين آخرين من رفاقه اتفقوا على أن عرب الخليج ساعدوهم على تحسين قدرتهم القتالية.
قال "يقدمون المساعدة والسلاح ويدفعون الرواتب بطريقة مسؤولة... من خلال شيوخنا. في النهاية نشتري احتياجاتنا بأنفسنا ونقاتل مع أشقائنا العرب في مواجهة نفس الخطر.. ميليشيات الحوثيين."
والسيطرة على مأرب -التي لا تمثل أهمية استراتيجية وحسب بل ولها صدى رمزي في أنحاء المنطقة- لها دلالة بالنسبة لتحالف يرى أن حملته تستعيد وحدة عربية ولت وذلك من خلال التصدي لنفوذ إيران هذه المرة.
* أرض العرب القديمة
تقول الروايات إن مأرب كانت أرض العرب الأصلية وإن شعبها انتشر في أنحاء شبه الجزيرة العربية بعد انهيار السد القديم بالمنطقة والذي كان قد شيد منذ أكثر من 2000 سنة وكان مصدر ثروتها الزراعية الوافرة.
أصداء الانفجارات التي تدوي من على مبعدة سواء كانت بسبب الغارات الجوية أو الضربات المدفعية تتردد الآن عبر الفجوة القائمة بين الجبال حيث تم بناء سد جديد أقيم قرب أطلال السد القديم بتمويل ساهم فيه في الثمانينات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات.
وعلى بعد كيلومترات قليلة يظهر معبد يقال إن ملكة سبأ أقامته قبل نحو 3000 عام ليكون شاهدا آخر على زمن "اليمن السعيد" الذي طواه النسيان.
وقبل سنوات من تفجر الصراع باليمن خلا الموقع من السياح الأجانب بعد أن لقي عدد من السائحين الأسبان واليمنيين حتفهم عام 2007 في تفجير انتحاري أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنه.
قال علي أحمد عبد الله المسؤول الوحيد الذي ظهر بالمكان "يحمل السد ومعبد الشمس كتابات حفرتها قبائلنا القديمة.. حفرها أجدادنا."
يضيف "بإذن الله وبمساعدة بقية العرب سننتصر وسيعلو نجم اليمن من جديد."(رويترز)