لم يكن جلالة الملك عبدالله الثاني ليأتي على ذكر موضوع الوحدة الوطنية علی مسامع الأردنيين على إمتداد الوطن خلال لقائه وجهاء اربد تذكيرا بها ولا جاء ذكرها في باب إطلاق الشعارات الرنانة، إنما هو نهج ورث سقايته بالتضحيات وقد كبرت، شجرة أصلها طيب في أرض طيبة فرعها في السماء يظلل أحرار الأمة، هم عترتها ورهطها، لا تلين لهم قناة مهما كانت.
كان بإمكان الملك أن يصدر بيانا أو تصريحا صحفيا تنقله وكالة الأنباء الرسمية لكنه اختار أن يتحدث أمام نخبة من رجالات ونساء الأردن في واحدة من أكبر المدن الأردنية وأكثرها تعبيرا عن الوحدة الوطنية التي صهرت التعددية فيها وأكثرها استقبالا للاجئين السوريين.
فالمدينة التي ازدهرت بفضل التنوع الحضاري والجغرافي فيها حملت عبء هذا اللجوء دون شكوى ولا منة وقد كانت السباقة دائما الی مثل هذا الواجب.
التحديات التي جاء الملك علی ذكرها عظيمة وبذات القدر فان مواجهتها لا يقدر عليها الا مجتمعا يتجاوزها عظمة قاعدته وروحه، هي وحدته الوطنية وهو دليله الى الدولة الحديثة..التي تبني فيها الأجيال الشابة على ما بناه الأوائل، تتجدد فيها مفاهيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتستثمر في الإنسان الأردني، تعليما وتدريبا. عندما نقرأ في صفحات المستقبل الذي يخط سطورها الملك نقرأ الأردن الذي يسعى لأن يكون نموذجا لمجتمع مدني متقدم ويهدف لان يكون قائدا للإصلاح والتحديث في منطقة فيها من العواصف أكثر مما يحتمل وفيها من الاشتباك ما ينبغي مواجهته بتشابك إجتماعي، تزيده إمكاناته المحدودة وموارده الشحيحة إصرارا على رؤية النور في نهاية النفق ولا تثنيه عن بلوغ أهدافه.
هذا المجتمع المتماسك الذي واجه الفتن وهو الذي يقف اليوم صفا واحدا خلف مليكه في مواجهة التطرف الديني والفكري وكل الأشكال التي يرتديها.
هذا المجتمع الذي تتجه أنظار أبنائه اليوم الی القدس والمسجد الاقصى الاسير والذي طالما كان ولايزال طريق الآلام الأردنية وهو أيضا مصدر إلهام أبناء هذا الشعب في وحدته التي تخجل أمامها كل الفتن وتنسحب مذعورة مدحورة.. الراي