الإصلاح الفلسطيني هو البديل
جميل النمري
22-05-2008 03:00 AM
إذن الخريطة الإسرائيلية المعروضة للحلّ تتضمن ضمّ اسرائيل لـ12% من أراضي الضفّة (القدس والمستوطنات) ووضع اليد أمنيا لفترة طويلة جدا على الشريط المحاذي لنهر الأردن (20% من الأرض)، وحسب الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة في مؤتمره الصحافي وهو كان قد التقى وتحدث مطولا مع الرئيس عبّاس قبل ذلك بساعات، أكّد عدم صحة ما اشيع عن استعداد اسرائيلي تم التلميح له أو تسريبه بتخفيض نسبة 12% الى 8% وبالمقابل نفى أي تراجع فلسطيني عن الموقف المعروف منذ كامب ديفيد بقبول مبادلة 2% من الأراضي، هذا دون حساب الهوّة الهائلة في موضوعي القدس واللاجئين.
لعبة التسريبات التي توحي دائما بشيء ما تحت الطاولة هي امّا غير صحيحة أو تمثل أفكارا تطلق من هنا وهناك, أمّا الشيء الأساسي والصحيح فهو أن الهوّة ما زالت شاسعة للغاية والحلّ النهائي ليس واردا. وهذا ما تأكّد في حديث حواتمة الذي تذاكر مع الحضور في كل ما يتمّ تداوله من معلومات جديدة وقديمة وقدم أيضا مراجعة شاملة ومفيدة لكل جوانب المأزق الفلسطيني من وجهة نظر ثالثة بين قطبي الصراع الكبيرين فتح وحماس تنتقد وتخطّئ كلا النهجين.
لكن ما الذي يمكن اقتراحه اذا كان طريق المفاوضات لا يقود الى نتيجة؟ وتصعيد المواجهة المسلحة يؤدّي الى كوارث على الفلسطينيين؟ لا أحد يملك مقترحا بديلا طبعا لكن يمكن سلوك نهج بديل هو في الوجه الآخر والمتلازم لما يمكن أن نطلق عليه الاصلاح الفلسطيني, وفي موضوع الإصلاح طرح حواتمة وجهة نظر تمثل عمليا بقية الطيف الفلسطيني بين فتح وحماس تقترح التوافق الوطني ليس على اساس المحاصصة, التي تولد من حين لآخر التطاحن مجددا على السلطة والصلاحيات والمكاسب والامتيازات, بل على قاعدة اسس محددة تحكم الاداء الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية.
واقع الحال أن الوضع الفلسطيني ينخره الفساد والشللية وتعدد الأجندات وكثرة الاختراقات وسيادة المزايدات وتعدد المرجعيات, وباعتبار أن الطريق طويل والحلّ ليس بقريب فإن هذه الأوضاع الفلسطينية تبشر بمزيد من التشظّي وبتدهور متّصل يرسم نهاية بائسة للقضية الوطنية الفلسطينية. وعليه فالمهمّة الحقيقية الأعظم هي اصلاح يصون الفلسطينيين ويتيح ادارة النضال المرير والمديد بأفضل السبل وأقلّ الخسائر. فالتهاون والتذلل والمصالح الفاسدة من جهة والتهور والرعونة الدموية محصلتها خسارة محققة على كل المستويات. ويقترح حواتمة بديلا للوساطات العربية بين فتح وحماس العودة لوثيقة الوفاق الوطني التي تبدأ من البرنامج السياسي وتصل الى تفاصيل الاصلاح لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير بما في ذلك الانتخابات على كل المستويات في المنظمة والسلطة وتحويل كل الاراضي المحتلة الى دائرة واحدة تنتخب على اساس التمثيل النسبي العام ... إلخ.
توحيد الساحة الفلسطينية على قاعدة مشروع اصلاحي هو الركيزة لمواجهة فشل المفاوضات وليس المساجلة العقيمة حول من ثبتت صحّة وجهة نظره المعسكر المفاوض أم المقاوم، فالأداء على الجانبين كان بائسا. إصلاح داخلي جذري سيغيّر في الأداء حيث يمكن الجمع بين التفاوض بكرامة والمقاومة بعقل.
jamil.nimri@alghad.jo
الغد.