اليسار الأردني .. هل يكون بوابة إيران لاختراق الأردن؟
16-09-2015 04:33 AM
عمون - "الأردن هدف ثمين في المشروع الإيراني للتوسع بالمنطقة، وقد حاولت إيران كثيرا إدخاله في هيمنتها ولم تنجح، ولكنها مع ذلك لم تيأس، ويبدو أننا على أعتاب محاولة جديدة ترتكز على بناء لوبي إيراني في الأردن قوامه اليسار الأردني"، هذا ما يراه الباحث الأردني في شؤون الحركات الإسلامية أسامة شحادة.
وطلبت وإيران من الحكومة الأردنية أكثر من مرة فتح باب السياحة الدينية للإيرانيين بشكل منظم، إلا أن الأردن رفض، كما كشف عن ذلك وزير الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية هايل داود، في حين قال السفير الأردني الأسبق لدى إيران بسام العموش، إن إيران عرضت على الأردن تحويل منطقة المزار الجنوبي في مدينة الكرك إلى حوزة على غرار حي السيدة زينب في دمشق، وإنشاء مطار خاص لنقل الزوار إلى هناك.
وفي تأكيد منه لرؤيته، قال شحادة في حوار مع "عربي21" إن "من يطالع مقالات الرفاق اليساريين بالصحف الأردنية يستغرب من حجم المقالات الداعمة لإيران".
ورأى الباحث في الشأن الشيعي أنه من الطرافة أن "من يقود تأسيس هذا اللوبي الإيراني في الأردن رفيقان ماركسيان حتى العظم، هما الكاتب ناهض حتر، ورئيس رابطة الكتاب الأردنيين السابق موفق محادين، بالإضافة إلى جوقة من النواب اليساريين الحاليين والسابقين".
وفي محاولة منه لتفسير هذا التحالف والتنسيق بين "العلمانيين" و"الولي الفقيه"، على غرابته، تساءل الباحث قائلا: "لا تعرف من الانتهازي، أهؤلاء الرفاق الماديون حين يمجدون ويتحالفون مع آخر أشكال الثيوقراطية في العالم المتمثلة بالولي الفقيه، الذي لا وجود له في المنطق المادي الجدلي الماركسي، أم أن الولي الفقيه أفلس فلم يعد له من حليف إلا من لا يؤمن بالأئمة المعصومين أصلا".
وفي السيناريو المتوقع لاختراق إيران للأردن عبر الذراع اليساري، يفصح شحادة لـ"عربي21" عن توقعاته حول هذا السيناريو والخطة بقوله "يبدو أن إيران عكست مسارها في طريقة اختراق الأردن، وذلك باللجوء للواجهة السياسية في تأسيس اللوبي، ثم الوصول للعمل العسكري، لعدم وجود تجمع شيعي في البلد يقوم على أكتافه التمدد الإيراني".
ونوه إلى أن "إيران ستكرر ما حدث في نيجيريا والكاميرون؛ حيث تم استقطاب فئة من المواطنين في كلا البلدين عبر دعاة التشيع وتحويلهم إلى شيعة، ومن ثم فصلهم عن محيطهم السني، وتطويرهم سياسيا، ومن ثم تأسيس عمل عسكري مليشياوي لهم".
ويدعم شحادة رؤيته بالرجوع إلى نص من مقال للكاتب اليساري ناهض حتر في إحدى المواقع المحلية تحت عنوان "وطني أردني في طهران"، قال فيه: "رأيي أن أفضل وسيلة لتحسين العلاقات بين البلدين، تكمن في تطوير العلاقات الإيرانية مع الدولة الأردنية من جهة، ومع الحركة الوطنية الأردنية العلمانية من جهة أخرى، طالبتُ الجانبَ الإيراني بإنشاء جمعية إيرانية للصداقة مع الشعب الأردني، تنظم البعثات العلمية والتبادل الثقافي والتجاري وتخدم الإعلاميين والمثقفين ورجال الأعمال".
ويزيد الباحث شحادة في دعم رؤيته واعتقاده، بالإشارة إلى مقال للكاتب موفق محادين تحت عنوان "كنا شيعة يا حزب الوسط" قال فيه "إن شرق الأردن عموما والكرك خصوصا، كانت من أهم مراكز التشيع لقرن كامل ولا تزال رواسب التشيع قوية جدا، حتى اليوم، إن قبائل عاملة كانت تسكن الكرك وشرق الأردن وكانت قوام الجيش الفاطمي، رفضت ضغوط صلاح الدين الأيوبي (الكردي) عليها للتسنن بعد تصفيته للدولة الفاطمية، وقد فضلت هذه القبائل الهجرة إلى لبنان (الجنوب وبعلبك والهرمل)، حيث عرف جبل عامل هناك نسبة لها، وأعطت أسماء البلدان التي كانت تقيم فيها في الأردن آنذاك لأماكن سكنها الجديد ومن ذلك: الكرك والطفيلة، ومن بلدة (الكرك الجديدة) في لبنان خرج أهم علامة شيعي وهو الشيخ علي الكركي الذي تنسب له ولاية الفقيه قبل الخميني بقرون".
ولا ينسى شحادة أن يشير إلى ما صدر عن الصحفي اليساري جهاد المحسين الذي زار إيران مؤخرا وأكد تشيعه، حيث طالب بـ"إقامة جيب لمقاومة النظام في جنوب المملكة".
في الختام، وبناء على كل ما سبق، يحذر الباحث الأردني في شؤون الحركات الإسلامية أسامة شحادة، من "تأثير ونتائج اللوبي الإيراني وذراعه اليساري بالرغم من صغر عدد عناصره النشطين"، مشددا على أنه "بالرغم من ذلك فإن السياسة الإيرانية تتصف بطول النفس وتعدد الخطط وتنوعها، فهي لا تيأس في الوصول إلى أهدافها ومرادها".
تعليقا على ما طرحه الباحث السلفي أسامة شحادة، اعتبر مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور موسى اشتيوي أن "هذا الطرح وهذه الرؤية مبالغ فيها"، مبديا شكوكه في قدرة التيار اليساري على تكوين ركيزة سياسية اجتماعية داخل المجتمع الأردني تعبر عن التوجهات الإيرانية المذهبية".
وقال اشتيوي لـ"عربي21": "إنه من المعلوم أن إيران تحاول أن تجد لها أصدقاء في الأردن، للعمل على الترويج لسياساتها ومصالحها، ولكن أن يكون هذا الأمر عن طريق التشيع بمختلف صوره ومستوياته فهذا أمر غير سليم وخاطئ ولن ينجح داخل المجتمع الأردني".
ورأى اشتيوي أنه "من الطبيعي أن تقوم الحكومة الإيرانية بتطوير علاقاتها مع الأردن عبر القنوات السياسية الرسمية، لا الأشخاص والأحزاب"، لافتا إلى أن "الأردن الرسمي لا يعارض مثل هذا الأمر خاصة في ظل وجود مصالح مشتركة بين البلدين".
وفيما إن كانت السلطات الرسمية على دراية بهذا الأمر إن كان يحدث بالفعل، أكد اشتيوي أنه "مما لا شك فيه أن السلطات الرسمية تراقب ما يدور، وهي على دراية بحركة المجتمع ا داخل حدودها وخارجها فيما يتعلق بمصالحها وسياساتها الرسمية".
في ذلك، رأت الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني، عبلة أبو علبة، أن "ما طرحه الباحث شحادة عار عن الصحة"، معتبرة أن ذلك "تهمة جديدة تلفق للتيار اليساري الأردني، على أساس أن التيار تحت العباءة الإيرانية وأداة لاختراق الدول".
وقالت النائب السابق في مجلس النواب، أبو علبة ذات التوجهات اليسارية، في تصريحات لـ"عربي21" أن "التيار اليساري المنظم عامة، وحزب الشعب الديمقراطي خاصة يرفض كل أشكال التدخل والهيمنة على السياسة الأردنية الداخلية أو الخارجية أو اختراقها".
وشددت أبو علبة في الوقت ذاته على "استقلال الأردن ووحدته وتماسكه"، مؤكدة أن "المواقف السياسية للتيار اليساري مع إيران وسوريا وحزب الله معلنة وواضحة أمام الجميع، وهي التعاون على أساس المقاومة فقط".
أما الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الدكتور سعيد ذياب، فقد نفى الموافقة على التدخل الخارجي من أي دولة بالسياسة الداخلية للمملكة"، موضحا أن "هناك فرق في أن يكون التيار اليساري جزء من محور المقاومة التي تمثله إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، وأن يكون أداة للتنسيق والتمهيد لأي تدخل خارجي بكل صوره السياسي أو العسكري أو الاقتصادي أو المذهبي".
ونوه ذياب في حديث لـ"عربي21" إلى أنه "ليس من مفاهيم اليسار التقسيمات أو القضايا المذهبية، أو الدعوة لها"، مشددا على أن "اليساريين ضد هذه التقسيمات وغير معنيين بها" نافيا أن يكون التيار اليساري المنظم "بوابة أو ذراع أو لوبي لدولة إيران أو أي دولة أخرى على حساب الأردن ومصالحه وسياساته الداخلية أو الخارجية".
وحول ما يطرحه بعض اليساريين الأردنيين من آراء توضح ميولهم المذهبية تجاه إيران، قال ذياب: "إن هؤلاء الأشخاص لهم وجهات نظرهم وأرائهم الخاصة، ولا يعبرون بالضرورة عن التيار اليساري المنظم"، نافيا تبني اليسار الرسمي ما يطرحه هؤلاء الأشخاص الذين يتصفون بأنهم من أصحاب الفكر اليساري والمحسوبين عليه.
عربي 21.