أخطأ سعد الحريري وأغلب الظن أنه خطأ في الطباعة في نص برقية تعزية بعث بها الى العاهل السعودي أخيرا, وتضمن النص خطأ عبارة الحرم الملكي والمقصود هو الحرم المكي بالطبع, ولأن الخطأ ممنوع وجريمة لا تغتفر في عرف المسكونين بالحقد اصلا في عالمنا العربي في هذا الزمان, فقد وجدوها صيدا ثمينا للإساءة للرجل والتشكيك حتى بإيمانه, على النحو الذي ذهب إليه نجل حسن نصر الله في تعليق منسوب إليه عندما تساءل عما إذا كان الحج إلى الحرم المكي أم الملكي, وهوتساؤل غير جائز اصلا ويفوق في اثره الخطأ المطبعي الذي تضمنته برقية الحريري.
هذا أنموذج صارخ على واقع الحقد الدفين في نفوس فئات من العرب, الذين يتصيدون الهفوات والأخطاء لسوى خاصتهم ليجعلوا منها سببا للتشهير بهم دونما ادنى تقوى او وازع من بقية ضمير او حتى خلق قويم، وليس سرا ابدا مدى الخصومة التي يكنها حسن نصر الله ومن معه لسعد الحريري وتياره، لا بل وللسعودية التي تتخذ موقفا عربيا رافضا لهيمنة حزب الله على لبنان وجعله بلدا تابعا لإيران ومشروعها في المنطقة العربيه ، ومن هنا فإن كل هفوة او خطأ يتصل بهما حتى لو كان خطأ مطبعيا أو ما شابه، هو بالنسبة لحزب الله واتباعه صيد ثمين للتشهير الذي ترفضه سائر الاديان السماوية، وتمقته القيم الإنسانية هو ومن يمارسونه أيا كانت مبرراتهم.
سعد الحريري عربي لبناني يتخذ موقفا مبدئيا رافضا لخروج لبنان عن صفه العربي، وله انصاره الكثر من الشعب العربي اللبناني الحريص على عروبة لبنان، ورفض تبعيته للاجنبي او انخراطه في المشروع المخاصم للعروبة والعرب،والسعودية تدعم ومعها كل العرب بأستثناء المنخرطين منهم طائفيا وللأسف في ثنايا ذلك المشروع، نهج الحريري وتياره وسائر اللبنانيين الرافضين لهيمنة الاجنبي، وهو موقف إستراتيجي يدعمه كذلك كل غيور على العروبة التي باتت اليوم نهبا وعلى ايدي بعض العرب المخدوعين بالاجنبي، المتوهمين بان مستقبلهم معه فيما لو تحققت غاياته لا قدر الله، سيكون طيبا وكريما على اسس طائفية هدامة لن تخدم غير الاجنبي وحده دون سواه، ولن تكون فيها ذرة كرامة لعربي مهما أوغل في مقاربة الطائفية.
بعض العرب وفي المقدمة السلبية منهم، الطائفيون والعنصريون والجهويون والإقليميون والجهله، يحاسبون اشقاءهم العرب على الحرف، يتصيدون الهفوة والخطأ حتى وهم يدركون أنه مجرد خط بشري بريء غير مقصود، لينكلوا بهم تشهيرا وإغتيالا للذات خدمة لغرض في النفوس، وحادثة خطأ الحريري والتي صورها المغرضون كما لو كانت جريمة، واغلب الظن انه خطأ وقع فيه طابع ربما دون انتباه، لهي اكبر دليل على ما وصل إليه بعضنا من خواء وبعد عن ادنى درجات الإنسانية والموضوعية والبراءةوالصدق مع الله جلت قدرته، او حتى مع النفس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.