"إعمل خير ولا تكب في البحر " .. !!
حمزة المحيسن
14-09-2015 01:27 PM
درجت العادة عندنا عندما يحسن الشخص لغيره ويقابل هذا الاحسان بالخذلان أن يواسي نفسه بالمثل الشعبي " إعمل خير وكب في البحر" ويا ليت بحرنا في العقبة نرمي فيه الخير المقصود في هذا المثل لا غير...
فللأسف الشديد وبعيداً عن أبجديات عمل الخير درج البعض على رمي هذا البحر الجميل بكل ما هو شر من المخلفات والنفايات، وهو البحر الذي يفد اليه الاردنيون والسياح من كل حدب وصوب للإستمتاع باجمل ما خلق الله فيه من شعاب مرجانية وأسماك بحرية وأحياء بحرية مختلفة الاشكال والالوان والأحجام، فالزائر أصبح يلحظ وللأسف الشديد تنامي ظاهرة رمي المخلفات والنفايات في البحر على الرغم من قيام الجهات المسؤولة في العقبة بتوفير الحاويات الخاصة بجمع النفايات في كل شواطئ العقبة حتى لا تصبح شواطئنا عبارة عن مستودع او حاوية كبيرة جدا تحت الماء لهذه النفايات..
قضية النفايات في خليج العقبة قضية مؤلمة جدا فهي وبالإضافة لتشويهها للكنوز الطبيعية البحرية تحت الماء فانها تعمل على الموت البطيء للشعاب المرجانية فالبعض يظن واهما أن هذه الشعاب المرجانية هي فقط مجرد صخور مثلها مثل الحجارة والصخور في البر ولكنها في الحقيقة هي حيوانات تتنفس وتعيش مثلنا نحن معشر البشر وتعتمد في نموها على وصول أشعة الشمس إليها تماما كالاشجار والغابات في البر فنفاياتنا ومخلفاتنا وخاصة اكياس النايلون عندما نلقيها في عرض البحر يؤدي ذلك إلى حجب اشعة الشمس عنها وبالتالي موتها وعلى الجانب الآخر فان هذه الاكياس تتسبب في خنق الاسماك أو السلاحف البحرية - المهددة أصلا بالانقراض- كون هذه الأحياء لا تدرك عندما تتغذى على الأكياس انها مواد دخيلة من ايدي البشر ...
وأخطر ما في هذه المخلفات والنفايات هو تلك الفترة الزمنية الطويلة التي تحتاجها للتحلل تحت الماء ، فكيس النايلون يا -رعاك الله- يحتاج فترة زمنية تصل إلى ( 20 ) عاما حتى يتحلل تحت الماء ، وعلب المشروبات الغازية تحتاج ايضا الى ( 200 ) عام، اما العنصر الاكثر خطورة هو الزجاج الذي يحتاج إلى ( مليون) عام فقط ليذوب ويتحلل تحت الماء ...
من حسن حظنا في الاردن أن هناك جهات عديدة أخذت على عاتقها التعامل مع النفايات تحت الماء فسلطة منطقة العقبة الخاصة من خلال المتنزه البحري في مديرية البيئة قامت بتشكيل فريق وطني من غواصي مراكز الغوص المحترفين للقيام بحملات نظافة دورية لمواقع الشعاب المرجانية لإزالة ما تحتويه من نفايات ومخلفات، وهناك ايضا الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية التي ستقوم خلال الاسبوع القادم بحملة غوص بمشاركة اطياف كبيرة من المجتمع المحلي والمدارس والجمعيات والمؤسسات الحكومية لإزالة النفايات من عمق البحر على هامش الاحتفال السنوي (حملة نظفوا العالم) الذي أعتادت الجمعية ان تشارك فيه في كل عام، إلا ان كل هذا الجهد لا يكفي لحماية بيئتنا البحرية من النفايات إذا لم يتعاون المواطن في مكافحة هذه الظاهرة المؤلمة خاصة إذا علمنا ان مجموع ما تم تحصيله من النفايات خلال كل الحملات المنظمة من مختلف الجهات يتجاوز الآلاف من الكيلو غرامات ، بلغت منها نسبة البلاستيك 65% الأمر الذي يبعت على الالم والحزن لكيفية تعامل البعض للاسف مع بيئتنا البحرية الغالية والجميلة ؟!..
"إعمل خير ولا تكب في البحر" هي رسالة من كل مواطن اردني لكل زائر للعقبة لنحافظ على بيئتنا البحرية بصورة تعكس تحضرنا واخلاقنا نحوها، وهي رسالة أيضا يوجههها " سائق القارب الزجاجي" الذي يعتمد في رزقه ودخله على بيئة بحرية نظيفة تجذب الزوار للإستمتاع بمشاهدتها من قاربه ، ويتشارك في توجيهها أيضا كل " مركز غوص " يعمل في العقبة يهمه ان تبقى الشعاب المرجانية والاحياء البحرية جميلة لكي يعود لمشاهدتها كل غواص هاوي يأتينا من كل انحاء العالم لتبقى مصدر دخل تدر دخلا وفيرا على البلد وعلى العاملين في هذه المراكز ، وكذلك هي رسالة " الصياد العقباوي " الذي يتمنى ان " تشبك" سنارته بسمكة كبيرة توفر له مبلغ من المال يقضي فيه حاجات اسرته بالحياة ويسال الله ان يبعد الأكياس البلاستيكية العائمة بأعماق البحر عن سنارته وقاربه ...الامل فيكم كبير فلا تخيبوا رجاء الوطن الكبير للتعاون في مكافحة ظاهرة رمي النفايات في عرض البحر ليدوم الخير على الجميع فالعقبة ثغر الأردن الباسم تستحق الأفضل والخير والكثير الكثير من الاحترام والتقدير ..