حذاء واحد لآلاف الأَطفْال!
خيري منصور
14-09-2015 04:15 AM
نقرأ أو نسمع بين وقت وآخر عن المبالغ ذات الاصفار العديدة على يمين الرقم وليس على يساره التي يباع فيها بمزاد علني قلم استخدمه ملك بريطاني حين تنازل عن العرش من أجل الحب أو عن خصل شعر لنابليون اتضح من خلال فحصها أنه مات مسموماً بالزرنيخ أو عن فستان لمارلين مونرو أو قبعة لشارلي شابلن، ويصل سعر بعض هذه المقتنيات الى عشرات الملايين من الدولارات، أخيرا قرأنا عن حذاء بيع في المزاد بربع مليون دولار لأن من كان ينتعله هو روجوبانسيتر قبل اكثر من نصف قرن،
وقد لا يدهشنا هذا كله لأن القيمة الرمزية لهذه المقتنيات كبيرة وذات دلالات تتخطى قيمتها المادية، فحذاء رياضي عمره اكثر من نصف قرن لا يساوي على أي رصيف اكثر من بضعة قروش وقد لا يجد زبونا يشتريه حتى لو كان من جلد الكنغر .
لكن ما يدهشنا هو مصير أشياء مماثلة لهذه في عالمنا العربي، اذ لا يمكن لأحد أن يعثر على معطف عبد الرحمن الكواكبي مثلاَ لأن أحفاده لم يستطيعوا العثور على قبره .
واذا صدقت احدى الصحف البريطانية فإن أحد سيوف صلاح الدين الايوبي بيع لسائح في محل تخصص بالورد في بغداد بعد احتلالها.
ولا أحد يدري أين ذهبت الخرقة التي كان يرتديها الحلاج أو القلم الذي كتب به قاسم امين عن تحرير المرأة أو النظارة الحقيقية لعمر المختار وليست تلك التي اسقطها المخرج الراحل العقاد عن عينيه في فيلم حمل اسمه .
ولماذا نذهب بعيداَ؟ فكم هو عدد الناس الذين يحتفظون بساعة أو حزام أو عباءة أو حذاء لآبائهم واجدادهم الراحلين؟
ولكي ندرك حجم هذه الفجيعة علينا أن نتجول في بيوت فنانين وفلاسفة تحولت الى متاحف بعد رحيلهم، وحين شاهدت ذات يوم ثياب ومسدسات وريشة شاعر روسي في متحف حمل اسمه تذكرت من ماتوا بلا جنائز ومنهم من بيع أثاث مَنزله لحظه وصول جثمانه الى بيته كبدر شاكر السيّاب.
حذاء روجوبانسيتر يكفي سعره وهو ربع مليون دولار لأنه يرتدي معظم الاطفال الحفاة في الوطن العربي أحذية تحمي اصابعهم من زجاج الشوارع حتى لو كانت من طراز حذاء الطّنْبوري !
الدستور