نجاح اقتصادي بدون ديمقراطية!
د. فهد الفانك
11-09-2015 04:48 AM
إلى عهد قريب -أي قبل عقـدين من الزمن- كان الاعتقاد السائد بأن النجاح الاقتصادي والديمقراطية السياسية يسيران يـداً بيد ، فجميع الدول الديمقراطية مزدهرة ومتقدمة اقتصادياً ، وجميع الدول الدكتاتورية والاسـتبدادية متخلفة اقتصادياً وفقيرة ، بحيث أصبح مفروغاً منه أن لا نجاح اقتصادياً بدون ليبرالية سياسية. وكان أبرز مثال حي على ذلك التفوق الاقتصادي في العالم الأول الديمقراطي والرأسمالي ، والتخلف الاقتصادي والاجتماعي في العالم الثاني الدكتاتوري والشيوعي ، والعالم الثالث الإقطاعي والاستبدادي.
من هنا جاءت نظريـة فوكوياما عن نهاية التاريخ ، فالتطور الإنساني وصل في رأيه إلى الوضع المثالي وهو الرأسـمالية في الاقتصاد والديمقراطيـة في السياسة ، على أن لا تكون الرأسـمالية متوحشـة ولا الديمقراطية منفلتة.
يجـري الحديث الآن عن نهاية نهاية التاريخ ، أي بروز وقائع جديـدة هي من القوة والضخامة بحيث لا يستطيع أي محلل منصف أن يتجاهلها ، فها هي الصين وروسيا تنجـح وتزدهر اقتصادياً بدون ليبرالية سياسـية بل في ظل حكم مركزي قوي ، فهل يعني ذلك عودة العالم إلى حالة يوجد فيها دول عظمى ذات أنظمة حكـم سلطوية. وهل يعـود العالم الثاني إلى البروز مرة أخرى.
كان يقال دائماً أن الصين هي الاسـتثناء الذي يثبت القاعدة ، وبالتالي لا يجوز المبالغة في أخذهـا كمثال يحتـذى ، وأن الهند هي الاستثناء العكسي ، أي الجمع بين الديمقراطية والليبراليـة السياسية من جهة وبين التخلف الاقتصادي والاجتماعي والفقر من جهة أخرى.
صحيـح أن الولايات المتحدة خرجت من الحرب الباردة منتصرة في نظامها السياسي الليبرالي ونظامها الاقتصادي الرأسـمالي. وإن العالم أخذ ينظر إليها كقـدوة ونموذج يحتـذى ، كما أنها أخـذت على عاتقها الدعوة – عالمياً- والانفتاح إلى الديمقراطية وتحرير الاقتصاد على السـوق العالمية.
الآن اختلف الوضع تماماً ، فأميركا لم تعد لها صورة الدولة المنتصرة ، ودورهـا العالمي أصبح في حالة انحسار ، ودعوتها للديمقراطية توقفت بعد أن وصلت إلى طريق مسـدود ، فهل نصل إلى وضع عالمي جديد يصبح فيه للنجاح الاقتصادي طريقـان: واحدة ديمقراطيـة والثانية اسـتبدادية؟.
لكن الديمقراطية مطلوبة من وجهة نظر الشعوب ، ليس فقط كشرط للتطـور والازدهار الاقتصادي ، بل كقيمة مطلوبة لذاتهـا أيضاً.
الراي