اراده الدولة .. وليس قانون ٨٩
سميح المعايطة
10-09-2015 04:26 PM
** القانون يمكن أن يفتح الباب لتغيير جزء من طبقة الكريما السياسية ..
الوصف الذي أطلقته الحكومة على قانون الإنتخاب الجديد بأنه "قانون لا يختلف عن قانون ١٩٨٩" ليس أكثر من محاولة لتسجيل إنجاز لها وشخص رئيسها بأنه من عاد بالأمور إلى ما كان الناس يحبونه (وهي فتره عام ١٩٨٩) بما فيها المجلس الذي انبثق عن تلك الانتخابات.
وهي مرحلة كانت الدولة قد خرجت فيها من مرحلة الأحكام العرفية إلى تحوّل ديمقراطي بحكمة الحسين رحمه الله، وسجّلت مؤسسة الحكم آنذاك انجازاً سياسياً كبيراً زاد من قوة الدولة وتماسكها، تماماً مثلما كانت حكمة موسسة الحكم لقيادة جلاله الملك عندما تعاملت مع مرحله الربيع والحراك بكل حكمة واقتدار ورؤيه إصلاحية، فكانت المرحلة مختلفة ولهذا انطبع في أذهان الناس أنها مختلفة وانطبق هذا على كل شيء فيها .
وحتى الصوت الواحد كنظام انتخابي فقد حملته الدولة بكل حكوماتها حتى الحكومات التي كان فيها الرئيس الحالي وزيراً وناىباً للرئيس منذ عام ١٩٩٣ وحتى تغيّر القانون بشكل جزئي في الانتخابات الماضيه وفي القانون الجديد، وكان هذا القانون من وجهة نظر الدوله يخدم استقرار الدولة السياسي في مراحل مختلفة.
ولم تقم أي حكومة أو مجلس نواب بتغييره لأنه كان يخدم معادلة الدولة من وجهة نظرها، حتى جاء مشروع القانون الحالي الذي رأت الدولة وعلى رأسها الملك أن هناك ضروره للذهاب لنظام انتخابي جديد في القانون الجديد، ولم يكن نتيجة معركة سياسية خاضتها الحكومة مع مؤسسات الدولة حرصا على الديمقراطية، بل هو مسار ارادته الدولة ومن الطبيعي أن يخرج دستورياً من خلال الحكومة، ولو كانت إرادة الدولة ووجهه نظرها في المصلحة العامة غير هذا القانون لخرجت الحكومة تروّج للقانون الجديد المختلف وتدافع عنه في بقيه مراحل إقراره.
ومن ناحيه المضمون فإن المشروع الجديد إيجابي ويحمل مضامين قد تساهم في تقوية المؤسسة التشريعية والحياه السياسية، لكنه ليس قانون ٨٩، ولا يجوز استخدام التشبيه حتى يقال أن الحكومة عادت بالقانون إلى مرحله ما قبل الصوت الواحد، بل قانون من مدرسة القائمة النسبية، وطريقة الانتخاب فيه مختلفة، لكنه في المحصلة قانون حمل تطوراً إيجابياً يمكن البناء عليه، وخروجه تعبير عن إرادة الدولة ومؤسسة الحكم في تقديم تطوير نوعي على القانون والنظام الانتخابي، ومن الطبيعي أن يكون للبعض ملاحظات على مشروع القانون لأنه تشريع وليس كتاباً مقدساً، لكن المؤكد انه يستحق الإشادة وفيه نقلة نوعية، ويمكن أن يكون مدخلًا لزيادة النكهة السياسية داخل المجلس، وتغيير أسس ألإختيار للنواب بالاتجاه الإيجابي.
وحتى على المدى الأبعد فإن القانون يمكن أن يفتح الباب لتغيير جزء من طبقة الكريما السياسية وتقديم وجوه تمثل الناس وقادمة من كل المحافظات والبوادي، وتوسع داىره الخيارات أمام صاحب القرار في اختيار أهل القرار في المواقع المختلفة.
المشروع ارادة الدولة وانسجامها مع توجيهات وروية الملك الإصلاحية، والتحدي أمام الجميع في استثماره لإنتاج مجلس نواب جديد قوي وتوسيع الخيارات من أهل القرار، وهو ليس قانون ٨٩، لكنه نظام انتخابي مختلف قد نجده افضل من كل ما سبق.