حين تلتقونَ فتاةً اسمها كِفاية، أو خِتام، أو نِهاية، أو تَمام. فاعلموا أنها غالباً وُلدتْ لعائلةٍ كثيرةِ البنات. وثمة كَفَى، ومنتهى، وغيرهن!
اختبرتُ ذَلِكَ كثيراً، ونادراً ما خيَّب العربُ ظنِّي. سألتُ فتياتٍ يحملنَ تلكَ الأسماء. منهنَّ من كانت الثالثة أو الرابعة أو الخامسة، بعضهنَّ في عائلاتٍ لا ذكورَ فيها، وثمةَ من جاءت بعدَ شقيقها، فلا يُرِيدُ أهلها أنْ تتزايدَ البناتُ أكثرَ مما ينبغي. ثمّ أنهم يريدونَ شقيقاً للذكر، فالاعتدادُ الاجتماعيُّ بعدد الذكور راسخٌ منذ كانت قبائل العرب تحتاجهم للحروب، إلى أنْ عاشوا في عصر الهواتفِ الذكية. هذه أمةٌ حادةُ الذكاء!
اسمها "نهاية" لتكونَ نهايةُ البناتِ على يديها في العائلة السعيدة. يتفاءلُ العربُ بالاسمِ، تلك من مكوِّنات الخرافة في الذهنِ والوجدان. أو يُسمّونها كفاية. يقولونَ: كفى أيتها الإناث. أو خِتام، لتختمَ الأمرَ الكريه. أما اسمُ تمام، فهو ليسَ نشداناً لمعنى الاكتمال. إنه لكي تتمَّ البناتُ في الأسرة بمولدها، فنحنُ نريدُ مزيداً من الذكور، لأجلِ الفخر والوجاهة.
تُولدُ الفتاة عِنْدَ أحفادِ عبْسٍ وتغلبَ ومخزوم مكروهةً، أو على الأقل غير مُرحَّب بها. يختارونَ لها اسماً يُعبرُ صراحةً عن ذلك. في الأردن يقولون لمن رُزِقَ بالإناث فقط: "الله يعوّض عليك" . ومن كانت له ابنتان يتعاطفون معه على نحو يُشعرهُ بأنَّ لديه مصيبة. يدعون له بأنْ يُرزقَ بـ"الصبي". ثم تبدأ حماةُ الزوجةِ بحثِّ ابنها على الزواج من أخرى، تُنجبُ له الذكر، فهي، كما تعلمون، متخصصةٌ بعلوم الأجنَّةِ والوراثةِ، وثبتَ لديها أنّ المرأةَ وحدها مسؤولةٌ عن تحديدِ جِنْسِ الجنين!
لا يُرِيدُون البنات. يكرهونَ لونَ الزهرِ في البيت. يكرهونَ الدمى والعرائس والأمشاط وفساتين الفراشات. يبغضون الجدائلَ الصغيرة. تجلبُ لهم العارَ والشنار. أعني تلك الجدائل التي ترقصُ حينَ تركضُ الطفلةُ الى حضن أمها وأبيها..
فعلا.. "الله يعوِّض علينا".