المجتمع والقانون والعيارات النارية
د.مهند مبيضين
10-09-2015 04:39 AM
الموقف العام من ظاهرة اطلاق العيارات النارية في الأفراح بشكل عام حتى الآن يبشر بالخير، إذ ثمة ضبط مقبول ظاهرياً، فهناك التزام من قبل المجتمع، وجدية لا مجال للتراجع عنها من قبل مؤسسات الدولة بمحاسبة من يقدم على فعل اطلاق النار بأي مناسبة.
وبموازاة تحرك الدولة هناك تعاضد اجتماعي تقوده مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والبنى المجتمعية في المجتمع، من قبائل وعشائر ونواد ثقافية، كل هذا التحرك يجب أن يبقى له زخم مستمر، وان تقود الدولة هذا الزخم وان يتخذ الإعلام من الحالة الراهنة فرصة للعب دور تنويري وتذكيري بضحايا الأفراح التي تحولت إلى أتراح.
ذاكرة الناس تظل قصيرة في مجتمعنا ، ولا بدّ من تذكيرهم بالأخطاء، وهنا يمكن أن تكون هناك حملة اعلامية مستمرة عبر وسائل الإعلام المختلفة لتذكير الناس بوجوب وقف تلك العادة وبضرورة الفرح بدون نار، وباهمية كف يد كل من يريد أن يفرح أكثر من اهل الفرح متطوعاً باشهار سلاحه في السماء كي لا يرتد منه رصاص الموت للأبرياء والصغار والكبار، وهذا الأمر لا يكون بدون خطة واضحة المعالم وبرسالة يومية وبشريط مكتوب على شاشات التلفاز.
بموازاة ذلك يحتاج الناس ليروا سلطة القانون ودور القضاء في الحساب ووقف هدر المال والأرواح، ليقال أن فلان اطلق بمبلغ كذا، وفلان أعلى اطلاقاً، وبين هذا التباري المحموم غير المعقلن والذي لا ينتمي للمدنية بصورة كانت الارواح والجرحى يمثلون لخيار سلوك طائش، إما أن يزهق روحاً أو يعطل عضواً من أعضاء الجسد ويخلف اعاقة لطفل أو شيخ.
القانون هو السبيل لفرض الأفراح النضيفة، والقانون بلا مواربة او تخطي او عطوات أو جهات أو تكفيل، والقانون بلا محاباة وبلا تمييز وبلا هوادة، ذلك أن العقوبة تحيل الناس إلى التفكير بعقل بارد عن جدوى أفعالهم المتكررة، نقول ذلك لأننا شهدنا مواقف مجتمعية سابقة قبل سنوات ضد اطلاق العيارات النارية لكنها كانت هبات موسمية سرعان ما تنسى وسرعان ما يتم تجاهلها من قبل المعنيين بتطبيق القانون والزام الناس به.
راهنيا وفي الأونة الأخيرة، تحدث الملك بحزم ضد هذه العادة، وتعاضد الناس ولبوا نداء الوقف، وبدأنا نرى أعراساً ومناسبات بلا عيارات نارية تطلق، وبدا أن الدولة جادة بتطبيق القانون وهنا كل الشكر للأمن العام، وثمة تحرك مجتمعي لدعم التوجه، لكن يجب أن نرى احكاماً قضائية كي لا نحرث في البحر.
الدستور