نحو خطوط حمراء للمديونية الخارجية
د. فهد الفانك
10-09-2015 04:33 AM
لولا الوحدات الحكومية المستقلة ، وخاصة شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه ، لكانت المديونية الصافية للحكومة المركزية بالدينار الأردني قد انخفضت خلال النصف الاول من هذه السنة بمقدار 1024 مليون دينار ، يعود بعضها لتسديد سندات تزيد عما تم إصداره منها. ولكن الجزء الأكبر يعود لتحول الخزينة من الاقتراض المحلي بالدينار إلى الاقتراض الخارجي بالدولار وفي حدود 5ر1 مليار دولار (1060 مليون دينار). أي أن الحكومة كانت تسحب على البنوك الأجنبية لتسديد البنوك المحلية التي تشكو من فائض السيولة المعطلة.
الوحدات الحكومية المستقلة رفعت مديونيتها بكفالة الحكومة بمقدار 795 مليون دينار وبذلك اقتصر تخفيض المديونية المحلية على 229 مليون دينار.
تدل الإحصاءات المالية الرسمية على أن مديونية الحكومة المركزية بالدينار الأردني انخفضت بمقدار 233 مليون دينار وأن ودائع الحكومة في البنوك المحلية ارتفعت بمقدار 791 مليون دينار أي أن المديونية الصافية للحكومة المركزية كانت ستنخفض بمقدار 1024 مليون دينار لولا الكفالات الصادرة لصالح شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه.
مشكلة الدين العام الأردني لا تكمن في أرقام المديونية المحلية بالدينار لأنها تمثل اقتراض الأردن من نفسه. المشكلة تكمن في المديونية الخارجية بالعملات الاجنبية التي حققت خلال النصف الأول من هذ السنة قفزة كبيرة فارتفعت بمقدار 5ر1 مليار دولار (1060 مليون دينار) وبذلك يكون الدين العام قد ارتفع بنسبة 2ر13% في ستة أشهر. وإذا استمر هذا الاتجاه خلال النصف الثاني من السنة ، فإن الارتفاع سيصل إلى 3 مليارات من الدولارات ، مما يرفع المديونية الأجنبية إلى 8ر12 مليار دولار وترتفع نسبة الدين الخارجي إلى أكثر من 45% من المديونية الكاملة مقابل 39% في نهاية العام الماضي.
قطاع العائلات الذي وفر هذه السنة نتيجة انخفاض أسعار المحروقات أكثر من مليار دينار ، كان يستطيع أن يتحمل الزيادة الطفيفة في أسعار الكهرباء والماء التي ترتفع بهما إلى مستوى استرداد الكلفة ، وتضع حداً لتصاعد المديونية. لكن هذا يتطلب قرارات معينة في التوقيت المناسب.
جاء الوقت لرسم خطوط حمراء وسقوف محددة للمديونية بشكل عام والمديونية الأجنبية بشكل خاص.
ليس مدحاً لمهاتير ولكن..
ورد إلى الرأي المقال التالي من الدكتور منيف رافع الزعبي تعقيباً على مقال للدكتور فهد الفانك، وتالياً نص التعقيب:
لن اغالي في كيل المديح لضيف الاردن الاسبوع الماضي رئيس وزراء ماليزيا الاسبق الدكتور مهاتير محمد ولكنني لا اعتقد ان الدكتور الفانك انصف الرجل بعد اللقاء الصباحي الذي اشار له الدكتور فهد الفانك في مقالته في صحيفة الرأي الغراء يوم 8/ 9/ 2015 والذي لم احضره.
يقول الدكتور الفانك ممهداً ان الدكتور مهاتير هو الاب المؤسس لدولة ماليزيا الحديثة والانتقال بها من حالة التخلف والاستعمار الى مرحلة من النهوض والتقدم وبعد ذلك يقول ان ما عرضه مهاتير لم يكن مبهراً وربما بديهياً متحدثاً عن خصوصية الشعب الماليزي ويخلص الى ان هناك مبالغة في تقدير (المعجزة) الماليزية. هنا لا بد من عرض بعض الوقائع التي قد يجدها الدكتور الفانك مبهرة.
1- الرجل انتخب ديمقراطياً وفاز بانتخابات اعوام 1982, 1986, 1990, 1995, 1999 باغلبية كبيرة جداً لم يكن ممكناً ان يحصل عليها لولا دعم الماليزيين الصينيين والهنود له واعجابهم بادائه مع ان الكثيرين ينتقدون سياسة الحزب الذي ينتمي اليه المتعلقة بمحاباة الملاويين المسلمين, هذا على صعيد الممارسة الديمقراطية. كما يسجل له انه استقال من منصبه طائعاً مختاراً عام 2003 ولم يكن مضطراً لها ولكنه آثر ان يترك المنصب لثقته بشعبه وبلده يمكن ان يفرز قيادات جديدة تتولى دفة الامور.
2-تحدث العديد عن انجازات مهاتير ولكن ما لم يتم ايضاحه ان ماليزيا قبل مهاتير كانت مجموعة اقطاعيات متفردة يتفشى فيها الفقر والبطالة وحالة من الاستكانة والضعف واللامبالاة بين السكان وقد تمكن مهاتير من نحت هوية وطنية جامعة لبلاد ليست نموذجية طبعاً لكنها واضحة المعالم فماليزيا بلد الـ 240 فئة عرقية ولغوية ودينية اضحت دولة تفخر بتجانس معقول بين افراد شعبها متصالحة مع ذاتها لها هوية ماليزية اسيوية اسلامية عالمية واضحة المعالم.
3-اما الجوانب الاخرى التي تسجل لمهاتير والتي يمكن ان تكون مدعاة للابهار ولكن لم يسأل عنها مهاتير في الاردن فهي ان ماليزيا تحتل المرتبة الاولى في العالم الاسلامي في تصدير المنتجات التكنولوجية المتقدمة وبقيمة 60 مليار دولار سنوياً (نحن في الاردن نصدر بقيمة 77 مليون دولار سنوياً حسب احصاءات البنك الدولي) وهي من اوائل الدول (والفضل هنا لمهاتير) التي تبنت سياسات وطنية في العلوم والتكنولوجيا والتنمية كما ان لديها جامعتان في مصاف افضل 500 جامعة في العالم بينما دولنا العربية مجتمعة ليس لديها سوى خمس جامعات في مصاف افضل 500 جامعة في العالم بحسب احدث مسوحات جامعة شانغهاي جياو تونغ.
4-اما الشيء المبهر الاخر في هذه العجالة فهو السياحة فماليزيا (وهي لا تملك اية معالم سياحية تذكر كما تحدث مسؤولوها مراراً وتكراراً) تستقبل 28 مليون سائح سنوياً وهذا اكثر من ما تستقبله السعودية ومصر والاردن ولبنان مجتمعين في السنة الواحدة.
فالرجل وان لم يكن كلامه مبهراً ولم يأت بجديد من وجهة نظر الدكتور الفانك لكن لديه سجل انجازات مبهر كما ان لديه باعترافه هو اخفاقات ولكن ما انجزه بمعايير العالم الثالث مبهر فعلاً وقصة نجاح تستأهل الدراسة. الراي