دأب بعض المجتهدين السياسيين خلال العقد الاخير, على طرح مقترحات تتعلق بطبيعة النظام السياسي في ألمملكة الاردنية الهاشميه , وذهب بعضهم إلى حدالحديث عما يسمى بالملكية الدستوريه , وينشط هؤلاء المجتهدون وسواهم ,في إستحضار فكرة الحزب الحاكم على مستوى الحكومات ,كلما أثير حديث عن قانون ألإنتخاب لمجلس النواب , ومن ذلك مثلا , ما يثار حاليا من ملاحظات حول مسودة قانون الانتخاب المحالة إلى البرلمان , وبالذات من حيث كونها لا تتيح من وجهة نظرهم , فرصة لاي حزب سياسي بمفرده , لأن يفوز باغلبية مقاعد مجلس النواب , وبالتالي الظفر بإمكانية تشكيل الحكومة وفقا لهذا الفوز , وكما هو متبع في دول العالم الغربي على وجه الخصوص ودول غيرها .
تلك في مجملها إجتهادات تتواءم نظريا , مع الفكرة الديمقراطية ذات النشأة والموطن الغربي أساسا , ولا غضاضة فيها علميا وفكريا , عندما يتعلق الامر بذلك العالم ألاخر, لكنها تتنافر كثيرا مع واقع الدولة الاردنية وطبيعة نظامها السياسي وظروفها المجتمعية والسياسية والإقليمية ونمط الثقافة السياسية السائدة في مجتمعنا الاردني المثقل ومنذ فجره , بالهم الاقليمي والعربي اكثر بكثير من أي مجتمع إقليمي أخر عربيا كان أم غير عربي , ولا يملك أردني واحد ان يجادل في صدقية هذه الحقيقة التي لا يمكن ولا يجدر إغفالها أبدا , إلا إذا كنا كمن يؤسس لبناء قصر لا يملك حتى ثمن إنجاز مخططاته .
الرجال الذين وضعوا دستور الدولة الاردنية إبتداء , كانوا رفعة في بعد النظر وإستشراف المستقبل وقراءة ما بين ايديهم وما امامنا وامامهم من ظروف وتطورات , ولهذا , فقد حصنوا ألملك رأس الدولة , وأدركوا بحصافة وحكمة تتطلبها المصالح العليا للدولة والوطن في كل زمان مهما كانت ظروفه ,أن الملك الشخص والمقام معا , هو وبحكم الموقع , المرجع وصمام ألامان ونقطة ألإرتكاز وقاعدة التوازن , ومن هنا حددوا صلاحياته بما يمكنه من الوفاء بهذه المتطلبات الاساسية التي لا مناص من توفرها , وإلا فإن البديل هو فوضى الاجتهاد والتصرف والسلوك عندما نفهم الديمقراطية على انها حقي في ان افعل ما أشاء ساعة أشاء ,أيا كانت نتائج ذلك على سواي وعلى البلد بمجموعه .
بوضوح يدركه الجميع ربما , بمن فيهم أؤلئك الذين تستهويهم مقولة الحزب الحاكم , لا بد من ألإقرار بأن مجمل ظروف الاردن منذ نشأ وحتى يومنا هذا , لا تقبل طبيعيا بهيمنة حزب بعينه او تيار سياسي بعينه دون سواه , على المنظومة البرلمانية والحكومية وفق رؤية ذلك الحزب او التيار , حتى لو أظهرت صناديق ألإقتراع ما يبرر ذلك حسابيا وفق المعادلة الديمقراطية التي تنحاز لمن صوتوا ايا كان عددهم , ولا تلتفت لمن تخلفوا ايا كان عددهم, ولا لمن قالوا لا وايا كان عددهم كذلك .
وبوضوح اكثر ويدركه الجميع , فإن واقع الدولة الاردنية واقع تشاركي بين مختلف التيارات السياسية والاجتماعية ولا مجال فيه للتفرد , إلا إذا كنا نود السير نحو الفوضى بخطانا لا بخطى غيرنا , وهو واقع يملي ويتطلب صون صلاحيات ألملك كما هي , والكف عن حديث الملكية الدستورية وبالذات , في هذا الوقت بألذات , وعندما نتماثل سياسيا واجتماعيا مع مجتمع السويد أو سويسرا , يمكن للمجتهدين عندها الحديث عما يسمونه ملكية دستوريه , أو حتى مقولة الحزب الحاكم , وعليه , فإن الصيغة المطروحة لقانون الإنتخاب حاليا , تعي جيدا كل الظروف والحقائق , ومن هنا فقد أسست لمبدأ التشاركية الاوسع والاشمل في تولي وإدارة شؤؤن الدولة برلمانيا وحكوميا وعلى كل صعيد . الحزب الاردني الحاكم هو الحزب الهاشمي بريادة الملك , وما عدا ذلك وهم لا يجب أن يتوهمه أحد ينتمي لهذا الوطن ويحبه ويحرص على أن يبقى آمنا مستقرا ويريد له ولشعبه الواحد وحتى لنفسه هو واهله واولاده كل خير , وليتنافس الجميع تنافس الإخوة الشرفاء تحت مظلة الدستور والعرش الهاشمي , والله من وراء القصد .