في ذات صباح من صباحات اذار الجميلة ، في ذاك الصباح الذي بداء فيه الاعتدال الربيعي ونحتفل فيه بذكرى معركة نعتز بها معركة الكرامة وكما يقولون عيد الام كنت على موعد في هذا اليوم الجميل بزهر اللوز مع سيدة تركتها الدنيا تصارع المرض والوحدة والالم، الم تركها وحيدة منسية.
في هذا اليوم حملت عددا من الأكياس البلاستيكية السوداء التي تحوي الخضار من البندورة والخيار والكوسة من الصنف العاشر والتي تباع للفقراء بأسعار زهيدة ، حملتها في عربتي ثلاثية العجلات وسرت أمام ختيارة أحنى ظهرها التعب وشيبتها تربية الأولاد .
تذهب هذه العجوز إلى الحسبة كل خميس لشراء الخضراوات رخيصة الثمن والتزود لأسبوعها واحمل حمولتها واتقاضى منها مبلغ عشرة قروش واسامحها بمبلغ خمسة عشر قرشا لأنها فقيرة واحتسبها عند الله.
دخلت في ذاك الصباح المشرق غرفتها التي لا تشبه الغرف والتي تخلو من الحياة، باردة شتاء حارة صيفا. نقلت الأكياس إلى غرفتها التي كانت مليئة بالحلوبات وبطاطا شيبس وعلكة ولما سالتها عن اصحابها .
تنهدت الختيارة بدموع وبكت كثيرا حتى لم تستطع قطعة القماش التي تستعملها كمحرمة أن تجفف دموعها وقالت: أمس كان عيد ألام وانتظرت أولادي وبناتي ليأتوا لزيارتي هم وأطفالهم واشتريت هذه الأشياء لأولادهم أحفادي الصغار.
بكت الختيارة وأبكتني معها وقالت: عندي خمسة أولاد أصبحوا من كبار المجتمع وعندي أربع بنات متزوجات من رجال مهمين.ربيتهم يا يتيم بتعب البال ولما كبروا تركوني في غرفتي هذه، وكثر خيرهم حصلوا لي بالواسطة مبلغ 30 دينار من صندوق المعونة الوطنية ولي أكثر من سنة ما شفتهم من عيد ألام الماضي.
مسحت دمعتها مرة ثانية وقالت البنات حنونات قبل ستة اشهر اتصلت الكبيرة تلفون مع الجيران واطمأنت عني منهم ولم تحكي معي لأنها لا تريد أن تزعج الجيران .
بكيت بقرب الختيارة وأسرعت إلى أمي التي نسيت تقبيل يدها صباح اليوم ورميت جسدي الصغير بحضنها وقلت لها : سامحيني يا أمي وكل عام وأنت بخير