يحدث في شارع الأردن!حلمي الأسمر
09-09-2015 04:42 AM
المار بشارع الأردن هذه الأيام، خاصة في الجزء الممتد من تقاطع شارع ياجوز، نزولا باتجاه تقاطع شارع اربد البقعة، يشعر أن ثمة معركة شرسة دارت على جانبي الشارع، حيث ترى ركام ما يقارب 23 كشكا وقد تحولت إلى خرائب تثير الشفقة، لم تكلف الأجهزة التي هدمتها نفسها بمتابعة ما قامت به من هدم وتخريب، بإزالة أكواما من الركام، قيل أنها كانت مخالفة «قانونيا» مع العلم أنها تعمل منذ سنوات، وتعيل عشرات العائلات! الأخبار تتحدث عن حملة أمنية جارفة، تحركت فأزالت الأكشاك، ومحال بيع القهوة والمشروبات الساخنة، «بعد ورود شكاوى بتعرض عائلات للبلطجة من قبل مجموعة من الشباب احتلوا أرصفة شارع الأردن ويطلبون دفع 10 دنانير بدل الجلوس» حسنا، على هامش هذا المشهد، وأنا أرقب الشارع الحزين، دارت في ذهني عدة مسائل.. أولا/ هذه الأكشاك كانت موجودة منذ وقت طويل، وأقيمت منذ دخل الشارع في الخدمة، فإن كانت غير مرخصة قانونيا، لم سُمح لها بالعمل طيلة هذه السنوات، ولم جرى مسحها فجأة، هل يتعلق الأمر بتلك الشكوى، أم أن ثمة سببا آخر لم يُفصح عنه؟ ثانيا/ قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، هكذا نقول في أدبياتنا الشعبية، ومن الواضح أن تلك الأكشاك كانت مصدر حياة ودخل مئات العائلات، وفجأة، جرى قطع هذا الرزق، وبدون سابق إنذار، والسؤال الكبير هنا: لمَ لمْ يُنذر أصحاب الأكشاك بضرورة الترخيص، قبل أن هدم أكشاكهم؟ هل أعطي هؤلاء فرصة لتسوية وضعهم القانوني، كي يختاروا بين القوننة والهدم، وبالتالي الجوع؟ ثالثا/ أشعر بتعاطف شديد مع صغار الكسبة، سواء كانوا من أصحاب البسطات أو الأكشاك، هؤلاء ضاقت بهم سبل العيشن فلجأوا لهذا الخير، بحثا عما يسد جوعهم، ولا أفهم كيف تُسحق مصادر عيشهم بتلك البساطة، دون أن نفكر لهم ببديل، هؤلاء ليسوا عالة على المجتمع، ولا يتسولون، ولا يسرقون، إنهم يحاولون كسب عيشه بشرف، ومن حقهم على مجتمعهم أن يعينهم لا أن يلقي بهم إلى الشارع، إن كان ثمة من سبب لإزالة مصدر رزقهم، فلا بد من توفير بديل له، هذا ما يقتضيه العدل! رابعا/ إن صح أن سبب إزالة الأكشاك وجود بلطجية، كان الأولى أن يلقى القبض على البلطجية، لا معاقبة أصحاب الأكشاك، وتسوية أوضاعهم، لا يمكن أن تعاقب أناسا على جرم لم يرتكبوه! خامسا/ شكل شارع الأردن، رغم بعض المخالفات الأخلاقية التي ترتكب فيه بين حين وآخر، متنفسا لكثير من العائلات العمّانية، خاصة المتحدرة من شرق العاصمة، حيث يلجأون للجلوس على جوانب الشارع طلبا للترويح على النفس، خاصة في ليالي الصيف القائظ، حيث تتحول البيوت إلى أفران تغلي، وكانت الأكشاك تقدم خدمة ما لهذه العائلات، فأين تذهب هذه العائلات الآن، إن احتاجت لهذه الخدمة؟ ما جرى في شارع الأردن، تعبير عن مزاجية في إدارة شؤون الناس، وتعسف في تطبيق القانون، وهو يعكس أزمة عميقة تعيشها دوائر صنع القرار، حين يتعلق مصير رقاب البشر، بقرار فردي، لا يخضع لمساءلة حقيقية من برلمان أو غيره!
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة