وحدة الاردنيين "تقهر" المحافظين الجدد
خالد فخيدة
20-05-2008 03:00 AM
ليس مفاجئا أن يعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش دعمه للوعد الإلهي التوراتي المزعوم بإقامة دولة اليهود الخالصة على ارض فلسطين التاريخية والذي يعني في خفاياه بان واشنطن لن تعترض أي خيار صهيوني لتنفيذ هذا الوعد حتى لو تمت تصفية ما تبقى من "القضية المركزية العربية والإسلامية" على حساب الأردن.
فحركة "المحافظين الجدد" منذ نجاحها في اكتساح البيت الأبيض كانت واضحة تجاه تنفيذ هذا "الوعد" لدرجة أن ما يجري حاليا يعزز فرضية أن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول لم تكن إلا مؤامرة كبرى، مكنت هذا التيار "المتصهين والمؤمن بعقيدة دولة الرب" من تنفيذ أجندته العسكرية الدموية في المنطقة العربية وإشاعة الفوضى بين كياناتها، من اجل تحقيق هدفه الأسمى، إقامة الدولة اليهودية.
وعند الحديث عن الدولة اليهودية، فكل الشعوب وإمكاناتها بمن فيها الشعب الأمريكي، مستباحة، ما دامت تمهد لتحقيق ما يؤمن به "المسيحيون المتصهينون" الذين يتزعمهم بوش، وقبله والده وجده الخامس، وهو تسريع إقامة الدولة اليهودية لتعجيل قدوم المسيح والحكم في الأرض ألف سنة سعيدة.
ومن هذه العقيدة السوداء التي لم يتوان الرئيس الأمريكي عن إطلاق العنان لها رسميا في ذكرى النكبة أمام الكنيست، يصبح دعم مشروع الدولة اليهودية أولوية عمل بالنسبة للمحافظين الجدد الذين قالوا كلمتهم بشأن الدولة الفلسطينية بانها لا زالت "حلما".
وبما أن هذا المشروع " العقائدي" غدا أولوية على أجندة صانع القرار الأمريكي الحالي، فان الجوار الفلسطيني بات على أبواب نذر "كارثة" سياسية وإنسانية عنوانها ترانسفيرات جديدة، ليس لسكان الضفة الغربية فقط، وإنما للفلسطينيين المرابطين داخل الكيان الصهيوني، والذين فرض عليهم التشبث بأرضهم، القبول بجنسية "المحتل" حينما كان البديل اللحاق بركب اللاجئين الفارين من فتك العصابات الصهيونية عام 1948.
فان تشتعل فوضى فلسطينية على الحدود الأردنية، تماما، مثل تلك التي اشتعلت على الحدود المصرية بعد أن بسطت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة، مطلب لأصحاب هذه الأجندة الصهيونية التي تريد أن تسحب "إسرائيل" من وسط النار، بجعل الأزمة أردنية – فلسطينية بالنسبة لسكان الضفة الغربية، مثلما تحاول الآن جعلها مصرية – فلسطينية بالنسبة لسكان قطاع غزة.
وعليه، فبما أن الأردن على مختلف فئاته يرفض أن يكون وطنا بديلا للفلسطينيين من باب الحفاظ على الهوية الفلسطينية ، وانه لا بديل له عن الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني المحتل من قبل "الإسرائيليين" فالمطلوب أن نتمسك بهذه القناعة ونعزز وحدتنا حولها حتى نحبط هذا المخطط مهما تنوعت وتعددت أساليب المواجهة.
ولن نبالغ بالقول إن وحدة الاردنيين النادرة، كبلت مخططات المحافظين الجدد الذين لا تظهر قوتهم وعظمتهم إلا في المجتمعات القابلة للتفكيك. فهذه الوحدة استعصت على كل المحاولات التي تم تمويلها من اجل "تفكيكها" بدءا بدعوات تعديل قانون الانتخاب على أسس المحاصصة وليس انتهاء بـمخطط إثارة الفوضى من باب "غليان الأسعار".