عمون- أمي ..... أرثيك أم أرثي نفسي يقول تعالى في محكم تنزيله ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) صدق الله العلي العظيم.
أمي، لم أجد وأنا يغشاني الألم ويعتصرني الحزن أبلغ وأطهر وأكرم من قوله تعالى ترفقا بك وإحسانا إليك ، نعم يا أمي لقد قضى الله من فوق سبع طباقا ، وكان حقا علينا أن نؤتيك حقك إحسانا ، وليس بعد أمر الله أمر ، فيا لها من كرامة وأكرم به من أمر.
أربعون يوما مرت هي الدهر يا أمي ..... كئيبةً وثقيلة...حزينةً ومريرة..... فمنذ أن فاضت روحك الطاهرة لبارئها وأنا ألملم جراحي في هذه الدنيا الفانية .... وأنسج من ذكراك إشراقه نور وألتمس من حولي لمساتك الحانية ..... وأصبحتُ يا أمي أحسدُ وأغبطُ كلَ من له أم تحضنه وتدعو له، وتمسح عنه ما علق به من هموم الدنيا وكدر الحياة بيديها الطاهرتين.... ، وتشرفه بفسحة من مكان تحت موطئ قدميها الزكيتين...... فهو حتماً أسعدُ مني ، وهو حتماً أهنأُ مني ، ويحصدُ الثواب أكثر مني . نعم يا أمي أحسده وأغبطه..... وألوم نفسي على كل لحظة أشغلت نفسي فيها عنك وأفنيتها دون تقبيل محياك، فكم أنا حزين على نفسي بعدك يا أمي........ وكم أنا مشتاق إليك يا أمي .......وكم تراني سأعيش لأنسى ما وهبك الرحمن عطفا عليَ وحنانا وسكنا كنت أجده حتى في ناظريك .... وهل تراني سأنسى شقاوتي وأنا بالمهد طفل كنت قد مارستها عليك..... وهل تراني سأنسى تلك النظرة الوادعة المستبشرة ..... والموت يخطفك رويدا رويدا حتى أسلمت له تلك الروح المطمئنة ......
يسألني أطفالي ما معنى أمي ؟ ولماذا أبكيك ما أن يرد أسمك لمسامعي ؟ وأين ذهبت بعد موتك ؟ فكيف أجيبهم يا أمي ومعنى أمي هو أنت، ومعنى أمي هو حنانك حين تصبحين.... وحضنك الدافئ حين تمسين..... وهو الرحمة التي أودعها الله فيك لتكوني أمي..... فطوبى لك ولكل الأمهات...... يا من جعل الله تحت أقدامكن النعيم والجنات ..... فالحمد لله يا أمي الذي عوضنا بفقدك دعوة صالحة مستجابة بإذنه تعالى إلى يوم الدين، ندعوه بها جل ثناؤه لك ليتغمدك بواسع رحمته، وليغفر لك ويمسح خطاياك وينقها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. وجعلك الله يا أمي من الطاهرين المباركين، وأنزلك مقاعد النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا....... أنت وجميع أمهات المسلمين والحمد لله رب العالمين.
إبنك: إبراهيم التوبه