الاسلامُ السياسيُّ مصدومٌ
باسل الرفايعة
06-09-2015 07:38 PM
الاسلامُ السياسيُّ مصدومٌ منْ ما يراهُ على وسائل الاتصال الاجتماعيّ. كأنه يكتشفُ، للمرة الأولى، أنَّ هناك بشراً آخرين. كان يظنُّ أنَّ صوته سيظلُّ طاغياً على كلّ صوت. على الموسيقى والفرح والغناء في هذه الكآبة العامة التي هو أحدُ أسبابها.
الاسلاميون مصدومونَ من أنّ نساء يظهرن على الفيسبوك بقصَّاتِ شَعْرٍ عصرية، وبفساتين ملونة. هم يحرمونَ الشَعْرَ، ويدمنونَ على لونٍ واحد. مصدومون من صفحات العلمانيين والفنانين. لدينا في عمَّان مصمِّمو أزياء من مستوى ايلي صعب، وزهير مراد، لكنّ الاعلامَ الرسميَّ متواطؤٌ مع الإسلاميين، ويحاربُ خصومهم بالإهمال والنكران.
جماعة "الاخوان المسلمين" لم تجد خطراً في المنطقة الدامية أكثرَ من عرضٍ أزياء في مركز تجاريّ في عمان، لتصدرَ ضده بياناً شديدَ التهديد.
قالت الجماعة ان عرض الأزياء ومهرجان جرش ساحتان "للمجونٌ والفسق". يا لذلك التعامي عن "داعش" واغتصاب وحوشها الأطفالَ والقاصرات واستعباد النساء. أليسَ ذلك هو الفسقُ والمجونُ بعينه، وأزيدُ ذلك هو المرضُ الدينيُّ بالإدمان على الفشل.
الاسلاميون مصدومون أنّ ثمة من يُدوّنُ على فيسبوك، ويغرد على تويتر. سيقولُ أحدهم: من أين جاء هذا الذي يرفعُ كأس بيرةٍ، ويرفعُ شأنها على صفحته، فأردُّ : أنا كنت دائماً بعيداً عنك. كنتُ دائماً لا أغفلُ عن الأسئلة، ولا عن الحياة. كنت انت وحدك، والآن أنت مصدومٌ من كأس بيرة باردة، في هذه الفضيحة العربية الاسلامية المريعة.
لا. أنتَ في عين الخطأ أيها الدينُ السياسيِّ. نحن هنا أيضاً. وسائل التواصل الاجتماعيّ لنا أولاً، نَحْنُ أحقُّ بها. نَحْنُ نمجِّدُ العلم الذي اخترعها، نحن معجبون جداً بالغرب. لذلك نحن أَوْلى بمن تسمُّونهم "كفّاراً". إذا كان يحقُّ لنا الصدمة مثلكم، فنحنُ منزعجون من جيوش الظلام الالكترونيّ التي ترسلونها إلى الانترنت. لكننا أكثر عدداً وعدة. الكثرة هنا تكمنُ في النوع، والعدة في المحتوى المتحرر المنفتح. أنتم تكررون الماضي، فيما الطينُ والعجينُ في أُذِن المستقبل.
هذه السماءُ الزرقاءُ لنا ولكم، وحين التغريد على تويتر، يُميِّزُ النَّاسُ بين العصفور والغراب. أظنُّ ذلك، ولا أعفي نفسي من عدم الدقة. لكنني أعفيكم من الامتحان، فلن تنجحوا أبداً..