العلاقات الانسانية شأن الكائنات الحية، تولد احيانا بتشوه خلقي أو مرض وراثي وقد تصاب بداء عضال يزداد خبثا بمرور الوقت، مقابل ذلك هناك علاقات تولد بكامل العافية، وكل ما تحتاج اليه هو الرّعاية.
واحيانا تضيق الحياة اليومية بحيث تصبح العلاقات خلالها كما لو انها داخل سجن اذ لا بد للسجين أن يختار من يعتقد أنهم الأقل سوءاَ كي يستطيع احتمال الوحشة، وغالبا ما تنتهي علاقات السّجناء عند باب السّجن، لأن كلا منهم يعود الى حياته وتتجدد لديه الخيارات؛ لأن عالم الطلقاء أرحب وأغنى من عالم السّجناء!.
العلاقة المريضة تصبح عبئا على طرفيها؛ لأنها تَزداد تعقيدا وضعفا بمرور الزمن، وقد يؤدي عدم بترها مبكرا الى مضاعفات لا تحمد عقباها. وباختصار وبأبسط بديهيات السايكولوجيا فإن من لا يحب نفسه لا يستطيع أن يحب أحداَ شرط ألا يكون حب الذات نرجسية بَلهاء تعمي المُبتلى بها عن رؤية أي شيء خارج الذات.
وما يمر به عالمنا العربي -الآن- يجعله مؤهلاً لافراز علاقات مريضة. بين الرجل والمرأة والأخ وأخيه والزميل وزميله، فيكون التحاسد بديلاً للتنافس البريء والكيدية بديلاً للتسامح، لأن الفيروس وبائي، و(الإناء كما قيل ينضح بما فيه)، كما أن العسل لا يفرزه البعوض حتى لو علف بأطنان من السكر المطحون.
العلاقات المريضة تنعكس على كل تفاصيل الحياة، ولها عدوى عابرة لكل شيء فهي قد تبدأ اجتماعية لكنها تنتهي سياسية .
ان من لا يطيق سماع كلمة مديح لغيره هو كائن سمّمت الكراهية دورته الدموية، ومن يحول فشله الى سوط يجلد به سمعة الآخرين في غيابهم هو انسان يأكل نفسه فهو آخر من يعلم، فقد ثبتت علميا أن هناك صلة عضوية وليست نفسية فقط بين الكراهية والطاقة الروحية، فالكاره تعود اليه السّهام التي تخيل أنه غرزها في جسد انسانِ آخر لتحول جسده الى غربال.
والكراهية بكل افرازاتها السّامة تخلق رياضيات معكوسة ومضادة، لأنها تقتصر على الطرح والقسمة، ولا تعرف الجَمع والضرب.
وفي مجتمع معافى قد يكون حاصل جمع اثنين من الأفراد عشرة، بعكس المجتمع المريض الذي تصبح فيه الملايين كسورا عشرية!.
الدستور