ميشيل عون .. طلعت ريحتكم!
05-09-2015 01:23 AM
كتب : رجا طلب - صحيفة 24
يعاني الجنرال عون من عقدة السلطة، فهي بالنسبة له حياته التي بدونها يشعر بالدونية والخوف والتقزم، وبها يشعر بالعظمة والقوة والتميز، ولهذا نجده وهو في الثمانين من عمره لا يُحرم أية وسيلة للوصول لسدة الرئاسة، وعون لا يخجل من فعل أي شيء من أجل "الكرسي"، على استعداد للتحالف مع الشيطان من أجل هذا الهدف، كما هو الحال الآن في تحالفه مع حزب الله الذي من المفترض أنه نقيضه السياسي، فالجنرال عون يطلق على نفسه وبحكم طائفيته أنه هو الممثل للشارع المسيحي، وكما هو معروف فإن هذا الشارع له مشروع مدني – علماني للدولة اللبنانية، في حين أن حزب الله التابع لإيران له مشروع هيمنة شيعية على مفاصل الدولة اللبنانية وإتباعها للولي الفقيه في طهران، وفي التاريخ كان عون حليفاً لصدام حسين في مواجهته لنظام حافظ الأسد عندما قبل تشكيل حكومة عسكرية في سبتمبر من عام 1988 بعد أن تعذر انتخاب رئيس جديد بدلاً من أمين الجميل، ومن المفارقات المضحكة أن عون كان عنواناً للأزمة الرئاسية في ذلك الوقت كما هو الآن، ومن المفارقات أيضاً أنه احتفظ في ذلك الوقت بمنصبه كقائد جيش مع رئاسته للحكومة العسكرية مع تسلمه في تلك الحكومة لحقيبة الدفاع والخارجية والداخلية والتربية الوطنية والفنون الجميلة، يعني كان "الحاكم بأمره".
انتهت قصة عون عندما رفض الاستسلام لواقع اتفاق الطائف، فضُرب عسكرياً من قبل الجيش السوري، وهرب إلى السفارة الفرنسية ورحل إلى باريس في أغسطس من عام 1991، وبذلك انتهت ظاهرة عون والعشق المرضي للسلطة، التي كنا نعتقد جميعاً أن الرجل لربما إن عاد يوماً إلى لبنان سيكون قد تعلم منها الكثير من العبر والمواعظ على الصعيدين الشخصي والوطني، لكن تجربته الحالية أي منذ عودته في عام 2005 إلى لبنان على وقع فاجعة اغتيال رفيق الحريري، تشير بوضوح إلى أن الرجل لم يتعلم شيئاً بل زاد مرضه المسمى "كرسي الرئاسة ".
انضم إلى جماعة 8 آذار لتكون هذه الجماعة جسره للوصول إلى كرسي الرئاسة بعد أميل لحود، فقد كان يعلم أنه لو تحالف مع معسكر الرابع عشر من آذار سيكون رقماً مثل غيره، مثل سمير جعجع أو أمين الجميل أو بطرس حرب أو أي من شخصية في الكتائب أو القوات اللبنانية، فتحالفه كان ومازال قائماً وبانتهازية على برنامج النقطة الواحدة "برنامج كرسي رئاسة الجمهورية".
في عام 2007 بعد أن انتهت رئاسة لحود تجدد لدى عون "مرض الكرسي الرئاسي" وشعر بالخذلان بعد أن قبل معسكره بقائد الجيش وقتذاك الرئيس ميشيل سليمان مرشحاً توافقياً، واليوم يعطل عون وحليفه حزب الله عملية انتخاب رئيس للجمهورية وعلى قاعدة المعادلة التي أعلنها حزب الله وهي "إما عون أو لا أحد"، وهي قاعدة تكشف مدي استهتار عون وحزب الله بالدولة اللبنانية، فبعد أكثر من عام على شغور منصب رئيس الجمهورية أخذ الطرفان التصعيد عبر مقاطعة جلسات مجلس الوزراء في محاولة جديدة لتعطيل المؤسسة الوحيدة المتبقية في الدولة اللبنانية، ألا وهي مؤسسة رئاسة الوزراء .
عون المصاب بمرض "كرسي الرئاسة" لا يقبل منطق التنافس الديمقراطي الحر (رغم أنه يطلق على تياره التيار الوطني الحر، تماماً مثل المالكي الذي أطلق على تكتله دولة القانون وهو أبعد ما يكون عنه) ولا يؤمن بصناديق الاقتراع ومواقفه تدلل تماماً على إيمانه بأن السلطة تُخطف أو تُهدى، تُخطف بقوة السلاح كما فعل في عام 1988 في حكومته العسكرية أو تُهدي تماماً كما أهدى رئاسة التيار الوطني الحر إلى صهره المدلل جبران باسيل وسهل له الحصول على المنصب بالتزكية بعد أن عطل حصول سباق تنافسي ديمقراطي، تماماً كما يريد أن يحدث في موقع رئيس الجمهورية، وتماماً كما يريد أن يهدي صهره الآخر شامل روكز قيادة الجيش، فالجنرال عون يتعامل مع لبنان على أنه مزرعته وحزب الله يُجمل له هذا التعامل ويشجعه عليه لأن هدفه أي حزب الله، السيطرة على الدولة عبر رئيس مريض بحب السلطة كالجنرال عون .
ليس من العدل أن لا تخرج تظاهرات في لبنان ترفع شعارات تقول للجنرال عون "كفى طلعت ريحتك" أو كفى "طلعت ريحتكم" أنت وصهرك باسيل الذي يتهمه الشارع اللبناني بسرقة مليار دولار خصصت لإنتاج الكهرباء والتي وعد عندما تسلمها باسيل عندما كان وزيراً للكهرباء بأن الكهرباء في عام 2015 ستكون حسب تعبيره 24 / 24 أي لا انقطاع فيها ولا برمجة لها، وهي اليوم في أسوأ حالاتها منذ بدء مشكلتها قبل 35 عاماً .
في خريف الجنرال لسان حاله يقول "إما كرسي الرئاسة أو خراب لبنان" فهو هكذا يفهم الوطنية وهو هكذا يحب لبنان !!