فور إعلانه مشروع قانون الإنتخاب الجديد بنسخته الحكومية بدأ رئيس الوزراء حملة لشرح مزاياه.
لن يحتاج الرئيس الى جهد كبير لتقديم القانون بإعتباره قانونا تقدميا , فقد تكفل إلغاء مبدأ الصوت الواحد بقبوله من حيث المبدأ وما تبقى مجرد تفاصيل سيدخل مجلس الأمة الى عمقها بحثا وتمحيصا.
بسرعة سبقت مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون تحليلات حذرت من تعطيله للقانون وصنفته في قائمة المتضررين.
لا أظن أن هذه التحليلات وما سنقرأه مما يماثلها في مكانها فأغلبية النواب ضد الصوت الواحد وهم ليسوا مع نزع الدسم الذي توج القانون بإلغاء الصوت الواحد ومنحها روح ديمقراطية ستكتمل بفضل التجربة , فالقانون كما قال الرئيس منفتح على كل الأراء وهو قابل للتطوير شريطة إثرائه بما يدفع الخطوات الى الأمام , المهم أن لا عودة الى تفسيخ الأصوات الذي تكفل بذهابها الى مرشحي الدوائر الضيقة , على حساب التمثيل الديموغرافي الأشمل.
مجلس النواب الذي عانى في تشكيلته الراهنة من تشوهات الصوت الواحد لن يكون ضد روح القانون والقفزة النوعية على طريق رقي التمثيل وهي النقلة التي كان الإخفاق فيها ولا يزال منصة للنقد الذي واجهته المجالس المتعاقبة , فالكل يريد مجلسا سياسيا وليس خدميا وهو الإجماع الذي تكاد كل الندوات والمحاضرات والبيانات والمقالات توافقت عليه منذ إنتخابات عام 89 , وهي التي أفرزت مجلسا أصبح نموذجا يستدعيه كل غاضب على أداء المجالس النيابية المتعاقبة ومن بينهم رئيس الوزراء نفسه الذي طالب بإزالته نائبا في مجلس النواب ومحاضرا خارج المسؤولية ليسقطه رئيسا للوزراء.
هذه رؤية طالما تحدث عنها جلالة الملك , وهي إن كانت لا تزال أقل من الجرأة التي سبق الملك فيها الجميع نحو ديمقراطية كاملة غير منقوصة , كان التجلي الأردني لما سمي بالربيع العربي أحد أهم دوافعها لتحويل التحديات إلى فرص وحوافز للإصلاح وترسيخ الديمقراطية بدلا من إتخاذ المخاوف مبررات لمزيد من التحفظ والرجعية.
هذه مرحلة من المراحل المتقدمة لتحقيق الأهداف سالفة الذكر بتدرج تغنيه التجربة وتصوبه وتبني عليه.والقراءة يجب أن تكون شاملة للصورة الكاملة فمشروع قانون الإنتخاب الجديد يجب أن يقرأ جنبا الى جنب مع قانون اللامركزية والبلديات , فالقاعدة تبدأ من المجالس المحلية والبلديات , في بناء ديمقراطي يوزع أليات عمل المجالس الثلاثة ويضعها في خط متوازي الخدمات والمشاريع التنموية والسياسات ويرسخ النهج الديمقراطي، ويثري العملية التمثيلية في كل مستوياتها، لتمكين المواطنين من صنع قرارهم الوطني والمحلي وتعزيز ثقتهم بدولتهم ومؤسساتها. فالبلدية، محطة في تنفيذ اللامركزية والحكم المحلي، والأخيرة محطة لإنتاج مجلس نواب سياسي بإمتياز , بعدالة تمثيله ومستواه.
ما يهمني في مشروع قانون الإنتخاب الجديد هو تكريسه للمعايير التي تحكم الدوائر الانتخابية وهي الرقعة الجغرافية والتنمية وعدد السكان دون متلازمة طالما رافقت ما سبق من قوانين , عرفناها بالإقصاء والتهميش والتفرد بالقرار. الراي