يحكى أن والياً قد أتاه الله الحكم ويعيش في قصر، ولديه من الخدم الكثير، وكان من هواياته تربية الخيول، ويعمل لديه سايس خيل "له خبرة في رعاية الخيول" وكان يتقاضى أجراً لقاء عمله رغيفين من الخبز يوميا، وفي ذات يوم أُهديَ الوالي فرساً وأراد ان يعرف هل هذه الفرس اصيلة أم لا؟!! .. فنظر السايس الى الفرس وأجاب أنها أصيلة ولكن مرضعتها بقرة!
اندهش الوالي وقال كيف عرفت؟ اجاب السايس أن الخيل الاصيلة ليس لها كرش بل تراها ضامرة.. فنادى الوالي حاجب القصر وقال إلّيَ بمن أهداني الفرس فجاءوا به وسأله عن الفرس هل مرضعتها بقرة؟ فأجاب نعم يا مولاي فبعد ولادتها مباشرة ماتت امها وارضعتها من البقرة!
تعجب الوالي من فَراسة السايس وأمر بزيادة مخصصاته من الخبز لتصبح أربعة أرغفة بدلا من اثنين... وذات يوم أُهديَ للوالي صقر فقال إليَ بسايس الخيل وسأله عن الصقر فاجاب إنه صقر ولكن أٌمُهّ دجاجة!
فسأل الوالي وكيف عرفت ؟؟ فاجاب السايس إنّ الصقور دوما نظرها للاعلى وفريستها في السماء ، اما هذا الصقر فنظره للارض ، ويحفر بها ليأخذ طعامه .. فقال الوالي إليَّ بمن أتى بالصقر وسأله عن الصقر فأجاب وجدت بيضة لصقر ووضعتها تحت الدجاجة وفقست فرعته تلك الدجاجة – تعجب الوالي من فراسة السايس وأمر بزيادة مخصصاته لتصبح ستة ارغفة من الخبز بدلا اربعة.. تعجب الوالي من فراسة السايس وقوة بصيرته.. وقال يوما آتوني بسايس الخيل وقال له عشت معنا في هذا القصر منذ زمن بعيد فماذا تقول فراستك عن زوجتي؟
أجاب السايس وهو يرتجف عفواً يا مولاي أرجوك فاستل الوالي سيفه وقال "فراستك وإمّا رأسك" !!!
فقال السايس إن زوجتك مرضعتها نورية! قال وما أعلمك بذلك فأجاب السايس عشت معكم عمرا ولم اسمعها يوما تقول عند ذهابك كلمة وداع واحدة ولم اسمعها إِلا تقول هات وهات وهات وكأنها من الجباه..
تبسم الوالي ورأى ما قاله السايس حقاً.. فاراد ان يتأكد من مرضعة زوجته، فسأل زوجته من أرضعتك ؟؟ فقالت وهي خائفة أُمي بعد ولادتي لم تدر حليبا فأرضعتني نورية،، فتعجب الوالي من السايس وأمر بزيادة مخصصاته لتصبح ثمانية أرغفة من الخبز ؟!!!!
ظل الوالي متعجبا وقال له "إمّا فراستك وإمّا رأسك" من انا؟
ارتعش السايس خوفا وبدأ يبلع ريقه بصعوبة وقال هل من أمان قال الوالي : لك كل الامان .... فقال السايس إن أباك الحقيقي هو خباز القصر؟! فاستشاط الوالي غضباً وذهب لأمه واستّل سيفه وقال لها من أبي؟!! فأجابت: يا بنيَّ إنّ أباك كان لا ينجب واردت ان احافظ على هذه الثروة لتكون وريثاً واباك الحقيقي هو خباز القصر ، وقد تبنياك وأنا لست أُمك.. وعاد الوالي الى السايس وسأله كيف عرفت إنّ أبي هو الخباز ؟!! فأجاب السايس إن الملوك والسلاطين والولاة دوما تكون عطاياهم وهداياهم من المال والذهب أما أنت فكل عطاياك الخبز!! .. طبعا الخبز مدعوم.