النمري يكتب عن قانون الانتخاب
03-09-2015 02:49 PM
"قانون تقدمي رائع ينقصه فقط خيط رفيع ينظم حبات اللؤلؤ في عقد جميل"
لقد اختارت الحكومة النظام الانتخابي الأكثر تقدمية بين الانظمة الانتخابية المعروفة في العالم، وهو في الواقع أفضل نظام انتخابي ممكن للاردن والأكثر ملاءمة اذ يأخذ الواقع القائم بالاعتبار ويعطيه دفعات الى الامام، وهو الخيار الذي اقترحته لجنة الحوار الوطني قبل 3 سنوات. ومن جهتي كنت منحازا له وادعو لاعتماده من وقت طويل.
أول خبر عن المؤتمر الصحفي للرئيس النسور أمس تحدث عن العودة الى نظام 89 وهذا التباس مع أنه صحيح فقط من زاوية حق الناخب في اختيار مرشحين بعدد مقاعد الدائرة، لكن هناك فرق جوهري فنظام 89 هو نظام اغلبي يحصد اصحاب اعلى الاصوات جميع المقاعد والنظام المطروح الان هو نظام نسبي توزع فيه المقاعد على القوائم بنسبتها من الاصوات.
لاحظت أن ردود الفعل الفورية من مختلف الاصوات كانت ايجابية جدا بل ومتحمسة وانا سعيد بذلك واعتقد ان قوى الشدّ العكسي سوف تستسلم لحقيقة انه لا يمكن البقاء على القديم والنظام الجديد ايجابي وضروري وليس فيه مغامرة أو مخاطر لا سياسيا ولا ديمغرافيا.
النظام الجديد يتجنب سلبيات ومخاطر نظام ال89 ويتجنب عبثية وسلبيات نظام القوائم الوطنية المغلقة التي طبقت على 27 مقعدا في الانتخابات الماضية .
النظام الجديد يأخذ ايجابيات التصويت الجمعي للقوائم والتصويت الفردي للاشخاص ويأخذ ميزات النظام النسبي بتوزيع المقاعد ابتداء على القوائم بنسبة اصواتها والنظام الفردي الاغلبي بتوزيع المقاعد داخل القائمة على اصحاب اعلى الاصوات.
ويأخذ ميزات العمل الجماعي من خلال المنافسة بين القوائم حيث تنزل كل مجموعة من المرشحين كفريق متكافل يعمل كل عضو فيه على جلب الاصوات للقائمة وميزات العمل الفردي حيث كل عضو يعمل في نفس الوقت على حشد الاصوات لنفسه لأن الاولوية في القائمة ليست مقررة سلفا بل تعتمد على شعبية كل عضو فيها.
وفي هذه الطريقة يوجد ديناميكية فريدة فشعبية كل عضو هي مكسب للجميع لانها تعني زيادة اصوات القائمة ومقاعدها اي تحسين فرص الجميع فيها وفي نفس الوقت فلكل عضو مصلحة بأن يكون اكثر شعبية من سواه لأن اولويته في القائمة ليست مقررة سلفا بل يقررها عدد اصواته داخل القائمة. وهذه صيغة افضل الف مرة من نظام 89 الذي يعتمد على صفقات تحتية لتبادل الاصوات والمخادعة والتبطين ومن يكسب هو من يخدع اكبر عدد ممكن من المرشحين الآخرين فيأخذ اصواتهم ولا يعطيهم أصواته .
نهنىء الحكومة والرئيس النسور ودوائر القرار في الدولة الاردنية على هذا الخيار التقدمي والاصلاحي العظيم . وكما يقال في النهاية لا يصح الا الصحيح فقد كانت لجنة الحوار الوطني برئاسة رئيس مجلس الاعيان في حينه السيد طاهر المصري قد بذلت جهدا مضنيا في الحوار والتنقيب في كافة الصيغ البديلة الممكنة وتوصلت الى هذه الصيغة لكن اطرافا كثيرة في الدولة تعنتت ولم تنفتح على المشروع فاضعنا دورة انتخابية كاملة ولكن رب ضارة نافعة فقد نضج الموقف الان بصورة افضل للقرار بعد تجربة الانتخابات الماضية التي وضعت اضافة واحدة هي القوائم الوطنية المغلقة.
البعض الآن يرى ان هذه ثغرة خطيرة وينعي غاضبا دفن القوائم الوطنية . والصحيح ان هذه ثغرة كبيرة نعم فقد تتشكل القوائم فقط على مستوى محلي في كل دائرة بمعزل عن الدوائر الاخرى فنحصل مجددا على نواب فرديين غير مرتبطين بقوائم وطنية.
هذه يمكن علاجها ببساطة بأن تكون قوائم المحافظات مندرجة في ائتلاف وطني فتنزل قوائم تحت نفس الاسم واللون والشعار في مختلف المحافظات اي بمثابة قائمة وطنية من خلال المحافظات . لكن كيف يمكن ذلك ؟ وليس في القانون ما يسعف لتشكيل تلك القوائم؟!.
نعم هذه هي الثغرة في القانون واستطيع تشبيه الحال بتقديم حفنة من حبات اللؤلؤ في كف تحتاج فقط الى خيط دقيق من النايلون يلضمها في عقد رائع.
هذا الخيط – المقترح ليس صعبا وليس مكلفا ولا يحتاج الى اي تعديل بالقانون بل اضافة بسيطة سنقترحها على الحكومة ونأمل ان يؤخذ بها قبل تقديم مشروع القانون لمجلس النواب .