كازاخستان تسعى لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل
02-09-2015 03:15 PM
عمون - لقد مرّ عقدان على انهيار الاتحاد السوفياتي ونيل كازاخستان لاستقلالها عام 1991، إذ كان ذلك التاريخ نقطة تحول ليس فقط بالنسبة إلينا، بل للعالم بأسره.
في بداية القرن الـ21، وعلى الرغم من نهاية "الحرب الباردة" لم تتحقق آمال كثير من الناس في عالم أكثر أمنا.
لقد تجرّع شعب كازاخستان ويلات الأسلحة النووية، وشهد 498 تفجيراً نووياً في موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية ما بين الأعوام 1949 حتى 1991، مما ألحق الضرر بمليوني شخص في كازاخستان، وجلبت المرض والمعاناة لمئات الآلاف من مواطنينا بالإضافة إلى التلوث الإشعاعي لأراض شاسعة من البلاد.
وكخطوة أولى نحو تطوير سياسة عدم الانتشار النووي، قامت كازاخستان بإغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية في 29 آب عام 1991، وكانت هذه هي الحالة الأولى في التاريخ لإغلاق موقع تجارب نووية طواعية وبإرادة الشعب. وبعد ثمانية عشر عاماً، وبمبادرة من فخامة رئيس البلاد، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ بوصفه اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بقي على أراضينا عدد كبير من الأسلحة النووية والصواريخ الاستراتيجية ذات الرؤوس المتعددة والقاذفات بعيدة المدى بذخيرتها الذرية والنووية والحرارية. وفي ذلك الوقت، كانت القوة التدميرية التي نملكها هي رابع أكبر قوة في العالم.
وكان حينها في كازاخستان 148 صومعة لإطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، واحتوت هذه الصوامع على 104 صواريخ باليستية عابرة للقارات، كل واحد منها مجهز برأس حربي نووي، ويحمل كل صاروخ 7.6 طن، ويبلغ نصف قُطر دماره حوالي 12 ألف كيلو متر.
لكننا تخلينا عن هذه الترسانة النووية، وحدد هذا القرار استراتيجية كازاخستان في مجال الأمن العالمي. يمكننا القول مجازاً إنه منذ تلك اللحظة، أصبحت كازاخستان "مركز الزلزال في العالم"، أي المكان الذي تخلت فيه دولة ولأول مرة في تاريخ البشرية عن قوتها التدميرية طواعية.
وقمنا على مر السنين بشكل مطرد وثابت بالقضاء على أسلحة الدمار الشامل والبنية التحتية التابعة لها.
وكانت كازاخستان الأولى من بين بلدان رابطة الدول المستقلة التي تنضم إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
ولعبت بلادنا دوراً رئيسياً في سبتمبر 2006 بخلق منطقة خالية من الأسلحة النووية في آسيا الوسطى ودعمت كذلك بشكل فعال إنشاء مناطق مماثلة في أرجاء أخرى من العالم، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
إن هذه الوقائع التاريخية برهنت للمجتمع الدولي مدى التزام كازاخستان بعالم خال من العنف والتهديد بالحرب، وأعطت لدولتنا الفتية ثقلاً سياسياً في العالم ونالت احترام الشرق والغرب، وأبدت الدول رغبتها في التعاون مع بلادنا في مختلف المجالات.
وتتواصل مساهمة كازاخستان في عدم انتشار الأسلحة النووية، حيث لا تتمثل فقط في موقفها الواضح المناهض للنشاط النووي فحسب بل وأيضا في حالات معينة جديدة.
إذ يعتبر تطوير التعاون مع وكالة الطاقة الذرية توجهاً هاماً قامت به البلاد حيث بموجبها تقدمت كازاخستان في 29 تموز 2011 رسميا بطلب إلى وكالة الطاقة الذرية لاستضافة البنك الدولي لليورانيوم منخفض التخصيب.
وفي 24 كانون الثاني 2012 انضمت جمهورية كازاخستان رسميا إلى مجموعة دول الشراكة الثماني (G8) ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ونظرا للجمود في العملية العالمية لنزع السلاح النووي، تولى فخامة الرئيس نور سلطان نزارباييف رئيس جمهورية كازاخستان زمام المبادرة لتوقيع معاهدة جديدة بشأن عدم الانتشار الأفقي والرأسي للأسلحة النووية.
ويعتبر الاقتراح لبدء مناقشات اعتماد الإعلان العالمي لعالم خال من الأسلحة النووية، أحدث مبادرات فخامة الرئيس التي أعلن عنها خلال مؤتمر القمة العالمي للأمن النووي في نيسان 2010 بواشنطن وفي مارس 2012 بسيول.
فقد أعلن فخامة الرئيس نور سلطان نزارباييف في 29 آب 2012 خلال المؤتمر الدولي "من حظر التجارب النووية إلى عالم خال من الأسلحة النووية" عن إطلاق مبادرة "آتوم"، وهي حملة دولية تهدف إلى توحيد الجهود العالمية الرامية لتحقيق الحظر النهائي لتجارب الأسلحة النووية، ويتكون اسم المشروع من الأحرف الأولى من الكلمات الأربع باللغة الإنجليزية «Abolish Testing Our Mission» أي "إلغاء التجارب. رسالتنا".
يعد مشروع "آتوم" مبادرة دولية جديدة لإيجاد دعم عالمي للحظر الكامل لتجارب الأسلحة النووية وتدميرها نهائياً، وتوعية المجتمع الدولي بالآثار الإنسانية الكارثية لتجارب الأسلحة النووية وتوثيقها، ولا سيما الآثار التي ترتبت على التجارب النووية التي أجريت في كازاخستان بين أعوام 1949 و1991.
ومهمة المشروع هي توحيد الدعم العالمي لإلغاء تجارب الأسلحة النووية بشكل نهائي والقضاء التام على الأسلحة النووية في جميع الدول.
ويقدم مشروع "آتوم" تقارير موثقة لمخاوف العلماء والأطباء والخبراء النوويين من جميع أنحاء العالم وتكاليف الرعاية الصحية والبيئية لإنتاج الأسلحة النووية وتجاربها من أجل إلهام الجمهور لاتخاذ إجراءات ملموسة من خلال التوقيع على عريضة مشروع "آتوم" العالمي.
ويتضمن مشروع "آتوم" تنظيم الحملة على المستوى الدولي، مع إيلاء اهتمام خاص لسكان الدول النووية. والهدف هو التذكير بالحقائق الرهيبة للحرب النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في عام 1945، والمعاناة البشرية الهائلة والأضرار البيئية الناجمة عن تركة من خمسة عقود من التجارب النووية، حتى تم التوقيع في عام 1996 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
بشكل عام، تحدد السياسة الخارجية للجمهورية سياسة كازاخستان في مجال نزع أسلحة الدمار الشامل وعدم انتشارها على أساس التزامها بتعزيز الأمن الدولي والتعاون بين الدول ودور المنظمات الدولية في حل المشاكل والنزاعات العالمية.
إن رفض التركة النووية كان قراراً استراتيجياً صحيحاً لأنه كفل للبلاد مكانة جديرة بالاحترام في المجتمع الدولي، وأوجد أرضية لإجراء إصلاحات اقتصادية جذبت استثمارات تقدر بأكثر من 190 مليار دولار، ناهيك عن ضمان سلامة البلاد. وعلاوة على ذلك، فقد حصلت كازاخستان على الحق المعنوي والسياسي لمطالبة الدول الأخرى لاتخاذ إجراءات حاسمة لنزع السلاح النووي على الصعيد العالمي.