*عمّان فاضت

* لا نملك ترف الانتظار لإصلاح التعليم

* ثروات الأردن البشرية تنقسم قسمين

* رئيس الجامعة أهم من أي منصب وزاري

* المجلس الاعلى للشباب ما يزال يدار تقليدياً

عمون - محمد الصالح - ولد في قرية المدور في محافظة المفرق وعاش فيها طفولته، وفي شبابه حصل على الشهادة الجامعية الأولى في اللغة العربية من عاصمة العباسيين "بغداد" إلى أن امتهن أم المهن مهنة المعلم في لواء الرمثا ثم اصبح مديرا لإحدى مدارس المفرق وتدرج في الدرجات العلمية إلى أن حصل على الدكتوراه في "فلسفة تربية" من الولايات المتحدة واصبح استاذا جامعيا ومن ثم صار وزيرا لأول مرة وعمره لم يتجاوز الـ36 عاما.

عاش العين الدكتور عبد الله عويدات رئيس لجنة التربية في مجلس الأعيان شابا وما زال بالرغم من سنوات العمر التي مرت وما زال لا يفارق المهنة التي احب وهي التعليم الجامعي لأنه يعتقد أنه يزود طلبته بخبرات الحياة وعلمها ويستمد طاقة الشباب منهم..


• لا نملك ترف الانتظار

يؤكد عويدات في حواره مع "عمون" أن الأردن لا يملك ترف الانتظار لإصلاح التعليم ومطلوب أن يصلحه فورا، خاصة أن التربية والتعليم عانت على مدار عقود خلت من تراجع معظم ثقافة الطلبة وقدراتهم العلمية، اضافة إلى تراجع تدريب المعلمين إلى أن اضطر الوزير الحالي الدكتور محمد ذنيبات أن يصرح بوجود 100 الف طالب لا يجيدون القراءة والكتابة.

ويعتبر عويدات أن الأردن ثروته البشرية تنقسم إلى قسمين الأولى في التربية والتعليم والثانية في القوات المسلحة ويقول :"القوات المسلحة يتولى رعايتها جلالة الملك عبد الله الثاني، والجيش متقدم في السلم والحرب وهو يتمتع بحرفية عالية".

ويضيف أن الثروة البشرية المتعلقة بالتربية والتعليم ليس من السهل تعويضها ولا يجوز غض النظر عنها لحظة واحدة، لأن خسارة هذه الثروة هي خسارة لـ50% من ثروة الأردن البشرية.

ويشير إلى ان لجنة التربية التي يترأسها في الأعيان تواصلت مع وزير التربية والتعليم الدكتور ذنيبات وتسلم منها 15 توصية بخصوص قطاع التعليم وتم الأخذ بمعظمها، كما انه يوجد تناغم في العمل من اجل المصلحة الوطنية العليا.

ويجد أن نوعية المعلمين وتدريبهم تراجعا على مدار أكثر من عقدين، لدرجة أن التربية تنظر إلى كليات التربية في الجامعات على انها مدرب للمعلمين وهذه الكليات تنظر للتربية على انها تدرب وتعلم المعلمين الجدد حتى ضاع الهدف الاساس من اعداد المعلمين.

ولا يعتبر عويدات كل من يتخرج من الجامعة يصلح لأن يصبح معلما، لأن الكثير من الدول تجد انه مطلوب اخضاع المعلم لـ23 دورة في مختلف النواحي.

ويعتقد أنه لا يجوز إدخال غرفة الصف أي خريج كمعلم إلا من كان عميق المعرفة ومتفوقاً، ودخل سنة تدريبية مثل الاطباء والمحامين ثم تقيم شخصيته اذا كانت ملائمة للمهنة ام لا ثم يخضع لامتحان المهنة لاجتياز امتحانها وينتسب للنقابة.

ويضيف أن المعلم بعد أن يمر في كل هذه المراحل مطلوب أن يرتقي في المهنة كل 5 سنوات يرافقه ارتقاء مالي، ما يعطي ثقة للمعلم ويؤهله.

• تطوير المناهج المدرسية

يقول عويدات إن المناهج كما هو معروف تلقينية منذ سنوات طويلة وتلغي العقل الناقد والحوار وتعطي المعلم السلطة المعرفية في غرفة الصف.

ويشير إلى ان التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي والتي اصبحت متاحة للطلبة ستجعل الطالب شريكا وعاملاً ايجابياً وليس سلبياً.

ويؤكد أن اعطاء الدور الايجابي للمناهج يجعل الطالب ناقداً ومحاوراً إلى ان نصل إلى الطالب المبدع.

• الامتحانات التحصيلية

يؤيد عويدات على اجراء الامتحانات التحصيلية للطلبة في كل مرحلة من المراحل كالتي اجرتها وزارة التربية والتعليم لصفي التاسع والسادس.

ويضيف أنه لا يجوز ان يجتاز على سبيل المثال طالب الصف السادس وهو لا يجيد القراءة والكتابة.

• التوجيهي

عويدات "مع أن يبقى امتحان التوجيهي لكن لا يأخذ نفس الوزن وان يكون امتحان قبول".

ويدعو إلى الضغط على كليات الجامعات لإعداد امتحانات القبول للدخول لها والدراسة فيها.


• التعليم العالي بحاجة لجراحة قاسية

يقول :"المشكلة الكبرى كانت في فترة من الفترات بما يخص التعليم العالي التسابق في كيفية حشد اكبر كم من الطلاب لقبولهم في الجامعات، إلى أن اصبح جزء منها واعطي على شكل امتيازات جاءت باسم تكافؤ الفرص التعليمية وارتفع عدد الطلبة في الغرفة الصفية من 30 إلى 150 طالباً".

ويستذكر عويدات عندما كان طالب دكتوراه في الولايات المتحدة كيف بينت دراسة قيمت الجامعات في الوطن العربي حينها أن الجامعة الأردنية كانت افضل جامعة وطنية في الوطن العربي كله.

ويشير إلى ان التعليم العالي وصل إلى ما وصل اليه بعد اغراق الجامعات بالطلبة وتراجع اهتمام عمادات شؤون الطلبة بالطلبة.

وينوه إلى أن الكثير من اعضاء الهيئات التدريسية تراكضوا على العمل الإضافي بدل التركيز على تطوير شخصية الطالب، حتى احتكرت الاقسام العمل على جيل دون الجيل الجديد وضخ الدماء في الجامعات إلى أن اصبح الاهتمام بالطالب في الحد الادنى.

ويرى أن الانشطة اللامنهجية لا تستطيع استيعاب إلا فئة قليلة من الطلبة لذلك تأثرت شخصية الطالب سلبا، حتى أن النشاط الديني خفف في فترة من الفترات وحل محله النشاط العشائري فصار المجتمع هو الذي يقود الجامعة بدل أن تقوده إلى الحضارة والتطور.

ويعتقد أن سبب رعب الحكومات المتعاقبة من تقديم الاصلاح الكامل في التعليم العالي، اضافة لكثرة الامتيازات التي حصل عليها، وراء بقاء مشاكل هذا القطاع.

• المعادلة مقلوبة في الأردن

يقول عويدات :"لا يمكن أن يحصل أي تقدم في التنمية اذا بقيت المعادلة والنسبة معكوسة بالنسبة للتعليم المهني والاكاديمي، والحاجة الفعلية للأردن هي للتعليم المهني والتقني، وبالرغم من وجود الحماسة إلا انه ينقصه التطبيق".


• مجلس التعليم العالي واختيار رؤساء الجامعات


يعتبر عويدات أن رئيس الجامعة أهم من أي منصب وزاري، لهذا مطلوب أن يكون قياديا وليس موظفا.

ويعزو سبب تراجع الجامعات إلى آلية تعيين رؤساء الجامعات التي تخضع لأسس جهوية أو مزاجية وهذا ما قاله في مقال له في 1990.

ويشير إلى أن الشباب الذين يدخلون الجامعات يدخلونها وهم في الاعمار من 18-25 عاما، وهي اعلى طاقة للانسان عقليا وجسديا، لهذا فهم بحاجة إلى قادة يتعاملون معهم.

ويؤكد ان الجامعات تسلمها رؤساء ضعفاء واشخاص لا يستحقون أن يكونوا رؤساء، لهذا يبحثون عن عمداء ورؤساء اقسام ضعفاء إلى أن وصل الوضع إلى حالات سيئة من الادارة الجامعية.

ويلفت النظر إلى الآلية التي يتم فيها اختيار رؤساء الجامعات في الدول المتقدمة من خلال اعلانات لملء الشواغر ولا يصل إلى رئاسة الجامعة إلا ما كان فعلا قائدا.

• الشباب في عين وزير الشباب

يقول العين عويدات :"ان الرياضة أخذت حصة الشباب والسبب أن عالم الرياضة مثير ولها عائد مالي كبير ومحفز كبير للطاقة والقوة وعالميا تجذب الأضواء".

كما أن الشباب يتفاعلون حاليا مع فضاء خارج اطار المجتمع وخارج رقابة المجتمع والاسرة والمدرسة من خلال آليات التواصل الجديدة التي ادخلت الشباب إلى عالم يرفض الرقابة والممنوعات.

ويشير إلى أن جيل الشباب عندما دخل الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي اصبح لهم رموز جديدة وطرق جديدة للحوار والنقاش.

وتساءل هل من يستطيع أن يلتقي مع هؤلاء الشباب في منتصف الطريق من المؤسسات التعليمية؟!

ويلفت النظر إلى أن جلالة الملك عبد الله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية اعطى الشباب اهتماما بالغا، حتى انه وجه بتأسيس هيئة شباب كلنا الأردن التي شكلت شخصيات الشباب بشكل جيد، لهذا استمد الشباب قوتهم من دعم جلالته لهم.

ويستهجن عويدات أن أداء المجلس الاعلى للشباب ما يزال يدار بالطريقة التقليدية، لهذا فهو بحاجة إلى طاقة فكرية وجادة لترعى الشباب، علما بأن البنية التحتية متوافرة.

وحول المركز الشبايبة النموذجية يقول :"لي الشرف أنني بدات منذ عام 1993 عند تسلمت الوزارة للشباب في تأسيس المراكز الشبابية النموذجية".

وحول دور سمو ولي العهد الامير حسين بن عبدالله مع الشباب يقول :"لا يفهم الشباب إلا الشباب وهم يعرفون كيف يفكرون".

ويشير إلى ان ولي العهد قدم نموذجا مناسبا ومتميزا للشباب الأردني والعربي في توجيهه إلى رسالة إلى الشباب في مؤتمر الشباب العالمي الذي عقد في الأردن.


ويثمن الدور الذي يقوم به ولي العهد لدعم الشباب الأردني ليتجاوز المحلية إلى الدولية في السنوات المقبلة من خلال الحوارات والتفكير المتجدد.


• العاصمة فاضت

ويحمّل عويدات الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما جرى من ضعف للتنمية في المحافظات ومراكمة للتنمية في العاصمة، ما دفع المواطنين إلى الرحيل نحو العاصمة طلبا للخدمة والوظيفة.

ويتوقع أن يؤدي تحسين الخدمات وتعزيز التنمية التي ينادي بها جلالة الملك في المحافظات إلى العمل على إحداث هجرة عكسية من العاصمة للمحافظات.

ويشير إلى ان العاصمة اصبحت مليئة بالصخب، اضافة إلى غلاء المعيشة نتيجة الضوضاء والضغط السكاني.

ويدعو الحكومات إلى جذب الاستثمار إلى المحافظات لإستثمار طاقات الشباب الأردني لتنمية محافظاتهم.

• المفرق في قلب عويدات
يقول عويدات :"كلما وضعت قدماي في هذا الفضاء الواسع في محافظة المفرق الغالية اتصور اني في مجموعة من الأقطار العربية، فهي فضائي للعراق وسوريا والسعودية وهي تتسع للجميع".
ويستذكر أن كل من سكن المفرق وعمل بها يقول انها امتع ايام حياته.


• العمل الأكاديمي

يؤكد عويدات أنه كلما ازداد خبرة ازداد غنى معرفياً وحين يدخل غرفة الدرس في الجامعة ينقل كل خبراته في الميدان لأبنائه الطلبة ويقول :"التدريس الجامعي مهنتي التي لا اتخلى عنها ومن القلائل الذين يجمعون بين التدريس والعمل العام".


• عائلة عويدات

يقول عويدات "ابو احمد" أن ابناءه احمد، لانا ومي درسوا تخصصات مختلفة، فمنهم المحامي والاستاذ الجامعي والموظف.

وعن "أم احمد" يقول :"درست مع زوجتي ام احمد الدكتوراه في الولايات المتحدة وهي استاذة جامعية في الجامعة الأردنية وكانت دائما نعم الرفيق والعون والزوجة".