عودة "مغشوشة" إلى قانون انتخاب 1989
احمد ابوخليل
01-09-2015 02:56 PM
باختصار، وحسبما فُهم من مشروع قانون الانتخاب الجديد، سوف تجري الانتخابات وفق قوائم على مستوى الدائرة، على أن يختار الناخب إحدى هذه القوائم، ثم يعطي صوته لمرشح أو لمرشحين وفق رغبته من داخل القائمة ذاتها التي اختارها.
أما الفوز فيتحدد بعنصرين هما: النسبة التي حصلت عليها القائمة، ثم عدد أصوات المرشح داخلها.
ما الذي يعنيه ذلك في التطبيق؟
سوف يقوم كل "مرشح قوي" بتشكيل قائمته، ويضم إليه مرشحين حلفاء ولكنه لا يعطيهم أصواته! وفي أحسن الأحوال يوزعها بينهم، بحيث يضمن الاستفادة من كل منهم من دون أن يعرّض نفسه لخطورة تفوق أحدهم عليه.
هذا يعني أننا هذه المرة أمام صوت واحد ولكنه متخفٍ ومتوارٍ وراء القائمة! وهذا بدوره يعني أننا أمام عودة "مغشوشة" فعلاً، لقانون عام 1989.
هل يحتاج الأمر لبعض التوضيح؟ لا بأس..
يختلف الأمر تماماً عن قانون 1989 باستثناء أن العملية تجري على مستوى الدائرة، مع الانتباه إلى أن دوائر 1989 كانت على مستوى المحافظة باستثاء العاصمة، فيما كان تشكيل القوائم والتحالفات اختيارياً.
ليأذن لي قارئ هذه السطور، بالإشارة إلى أنني قمت لثلاث مرات (2003، 2007، 2013) بتقصٍ تفصيلي إلى حد ما ، تابعت فيه طرق الناس باختيار مرشحيهم، أي ما يعرف بالانتخابات الأولية، إلى جانب طرق الجماعات المحلية في تحويل القوانين والأنظمة الانتخابية إلى ممارسات انتخابية واقعية.
فالناس يستقبلون القانون، ثم يعيدون تشكيله وتطويعه وفق مصالحهم الانتخابية، وهذا بالطبع سلوك سياسي/ اجتماعي منطقي، يحصل عندنا وعن غيرنا.
فعلى سبيل المثال، عندما طرحت الدوائر الوهمية في انتخابات 2010 تقاسم المرشحون الأقوياء هذه الدوائر وحجز كل منهم واحدة منها كي لا يتنافس الأقوياء على مقعد واحد، وعندما طرحت فكرة القوائم "الوطنية" في انتخابات 2013، قام مرشحون (أقوياء ولكن إلى درجة غير كافية للترشيح الفردي أو ممن استنفذوا فرصهم الفردية وفق نظام "خلّي الدور لغيرك") بتشكيل قوائم بقيادتهم مع شركاء جرى ترتيب أسمائهم في القائمة وفق معادلات اجتماعية/ وجاهية/ مالية، خاصة بكل حالة.
دعونا نتفق على الفكرة البسيطة التي تقول إن أي انتخابات نيابية هي في الأصل حوار وطني (أو تنافس وطني) لتحديد الأولويات العامة لسنوات أربع قادمة، على أن يختار المواطنون من يمثلهم في تنفيذها وفق قوة وحضور كل طرف سياسي اجتماعي أو كل موقف أو برنامج... إلخ.
في صيغة 1989 كان على المرشح أن يتحرك انتخابياً (سياسياً) على بقعة جغرافية وديمغرافية كبيرة، وهو ما دفع بمحتوى العملية الانتخابية إلى الأمام، فقد كان على المرشح و"جماعته" أن يتبنوا خطاباً يستهدف قطاعاً واسعاً، وفي التطبيق عقد المرشحون تحالفات كلية او جزئية، حقيقية أو مزيفة، منفذة من الطرفين أو من طرف واحد، تعتمد على الثقة أو على حلف الأيمان، فضلاً عن الدور الذي لعبته فكرة "النسوان شبكة!... وغير ذلك من أشكال "العمل السياسي" وفق المفاهيم الأردنية الواقعية.
الصيغة الحالي للقانون، تنطوي على مكر سياسي عالٍ، فهي ستقود في الممارسة إلى قوائم كاذبة، أساسها الصوت الواحد "اللئيم" القائم على الباطنية، وسوف يبلغ "اللؤم السياسي" للقانون مداه، في حالة تكاثرت الدوائر، مما يعني تكاثر القوائم، الذي بدوره سوف يعني المزيد من القوائم المكونة من مرشح واحد، وهو أمر يجيزه القانون...
بالمحصلة سوف نكون أمام ترشيح على نظامين: قوائم من مرشح واحد تعني تماماً الصوت الواحد، وقوائم من مرشحين متعددين لكل منها رأس واحد، أو رأسين أحدهما مضحوك عليه!.... والحيّ يذكّر الحي.