حزم الملك والقانون الضائع
د.مهند مبيضين
01-09-2015 03:14 AM
لا يوجد مجتمع منفلت، ولا عقوبات غائبة، بدون غياب تطبيق القانون الذي يشجع عليه المسؤول الضعيف، والمتردد من تنفيذ العقوبة الرادعة، وقد عبر الملك عبد الله الثاني بحزم تجاه إطلاق العيارات النارية، مبدياً موقفاً لا لبس فيه على أن الوقت حان لوقف قتل الناس ووقف تعطيل القانون وترك الجناة بلا عقوبة.
أن يقول الملك وهو في لقاء عشائري مع وجهاء عمان في معرض الحديث عن القلق المترتب على هذه الظاهرة :» هناك جدية في التعامل مع هذا الموضوع، ولن يكون هناك واسطات أبدا بعد اليوم، فليس هناك من يعتقد أنه ابن فلان أو أن لديه منصبا. سنتخذ الإجراءات. حتى لو كان ابني هو من يطلق العيارات النارية في المناسبات، سأطلب من الأجهزة الأمنية أن تتخذ معه نفس الإجراءات بهذا الخصوص».
فهذا موقف واضح، لأبناء الاردن جميعا ممن يقومون بهذه السلوكيات الخاطئة، لكي يحفظوا دماءهم ودماء أبنائهم، ولكي يتجنبوا الخلافات التي تترتب على حوادث القتل، ولكي يتقوا الله وان تنتهي الأفراح إلى أتراح.
لقد وضع الملك الكرة في ملعب الحكومة والمجتمع، عندما يقول لو «كان ابني من يطلق العيارات النارية» وهو يضع المجتمع في مسؤولياته، ويضع قيادته التقليدية أمام مسؤولياتهم الأخلاقية لكي لا يكونوا عونا في حالات الصلح والتكفيل التي تلاحق أي حالة اعتقال لأي مطلق عيار ناري.
لقد تحدثنا منذ زمن في الاردن عن هذه العادة، وللأسف كأن الحديث يبدو موسمياً في حالات سابقة، فلم يكن هناك من متدبر أو مستمع أو ملتزم، حتى جاءت حوادث متلاحقة أخيرا اغتالت وجه الأطفال الأبرياء في اكثر من عرس، وأصابت شبابا وشيوخاً، وما الموقف الوطني اليوم والذي اقترن بدعوة الملك لتطبيق القانون والحزم في العقوبة
وعدم التمييز بين الناس، إلا بداية يمكن البناء عليها للدفاع عن مدنية المجتمع والدولة.
لكن للأسف هناك مسؤولون ضعاف، وقوى مجتمع تتمرد على القانون، وقد مر في المجتمع الكثير من حالات حمل السلاح واشهارها بوجوه الناس بدون حق، وكان ابلغها اثرا ما حدث في مجلس النواب قبل عامين، وهذا أمر مخجل ومخز للغاية.
لقد تعود الناس أن من يدخل المخفر بتهمة اطلاق النار في الأعراس يخرج بكفالة بسيطة وبوس اللحى، أما اليوم وبعد تغليض عقوبة الجرم فإنه من المأمول أن يُحدث أثراً كبيراً في المجتمع لكي تنتهي هذه العادة السيئة من تاريخنا وحياتنا اليومية.
في النهاية الحكومة مسؤولة والمجتمع مسؤول أيضا والكرة بيد الطرفين لتطبيق القانون كي لا تبقى كلمات الملك مجرد صوت عقل في ظلام دامس.
الدستور