فاجأتني نفسي اليوم بألوان الحزن والقلق والخَوف..
أردت عناق "مادبا" .. ليزول بعضٌ من حزن الحنين..
بحثت عن زاوية حجرية تشبه حارتي... بحثت كثيراً..
وجدتها وعانقتها بصمت! كم كانت حنونة تلك الحجارة!
لقد امتصّت بعضاً من حنيني.. وبَكيت!
أخيراً بكيت.. ما أجمل البكاء أحياناً!
أعتقد أن "مادبتي" سمعتني، وقرّرتُ أن أتوقف عن البكاء..
وبدأتُ رحلتي مغمضة العينين، بين الأزقة والبيوت .. والحارات..
رأيت كل الناس.. وحضنت كل من أحب أحياءً وأموات،
لماذا يقولون أن شمسها حارقة الآن؟ هذه شمسي التي أحبها وتحبني..
رأيتها تبتسم في سماء مادبا... فقط لي ...كيف لي أن أخطف الشمس ورائحة الصباح؟ أحلام الشباب والفرح؟
كيف للحزن أن يُرهق الجسد؟ ابتعد يا حزن، إن جسدي لا يحتمل حزناً آخر... ابتعد
لماذا لا يعود الماضي؟ وددت ان أقول له شيئاً وأفعل أشياء كثيرة، لكنه ذهب بلا عودة!
تركنا لليوم وغداً...
لا اليوم يعرفنا..
ولا الغد يطمئننا..
ما زالت "مادبتي" في الانتظار.. تسألني بصمت: متى أراكِ يا ابنتي؟
حاولت جاهدة أن أقول لها إنني هناك في كل صباح، أراكِ ولا ترَيْني..
أشرب القهوة مع صباحك الجميل، ثم أختفي لمنفاي قبل أن تسمعي بكائي وأنيني..
فصمتكِ بكاء يكفي، ولا داع لبكاء آخر يبكيكِ..
انتظريني ولا تمّلي، ودْعِي الحجارة تتحدث عني ..
رأيت الشْيب على سطح منزلكِ كما رأيته في خصلات شعري ..
الأبيض في شعري يذكرني كل يوم بعمر منفاي..
يا لكَ من قدر أحمق .. قرّر أن أكون بعيداً عنكِ وبلا وطن..
وطن أبحث عنه في عيون الناس والحجارة ..
انتظريني بصمت بلا بكاء، يكفي بكائي وحنيني ..
هل تعلمين الآن كم أحبكِ؟
لا تحزني ..
قدرٌ أحمق أنتَ لا قلب لك ولا دمع!
قرّر أن أكون بلا وطن!
اقبلي كلماتي المرتجفة إليكِ شوقاً و عانقيني...
انتظريني..
* الكاتبة أردنية تقيم في استراليا