شهادات الضباط العراقيين بالخلق الاردني الكريم
أ.د. سعد ابو دية
30-08-2015 05:01 PM
وقعت مشاكل مؤخرا بين اردنيين وعراقيين دفعتني لتذكير الاردنيين بالخلق الكريم الذي تمتع به الاردنيون حتى في احلك الاوقات يوم ثورة 14 تموز 1958 يوم كان القتل على قدم وساق في بغداد كانت الجموع الثائرة تقتل الساسة العراقيين وطال القتل الساسة الاردنيين الموجودين هناك في وقت كانت هناك نقاط مضيئة في خلق اردني عربي ابي قام به الاردنيون هنا ومن وفاء العراقيين لهذا الخلق الاردني الكريم هو تدوين العراقيين لهذه النقاط المضيئة.
كان في الاردن يوم ثورة 14 تموز اللواء السادس المدرع العراقي وكانت هناك كلية الأركان العراقية وآمرها حسن مصطفى. ومن حسن الحظ فقد ترك الضباط العراقيون شهاداتهم عن تلك الفترة وفيها تقدير لموقف الأردن يستحق ان نعيد نشر مضمونه والتعليق عليه ويظهر فيه وفاء العراقيين للموقف الأردني على غير ما تعود الأردنيون عليه من تصرفات الآخرين نحوهم..
من حسن الحظ أنني وجدت توثيقاً عراقيا متناثراً في موسوعة 14/ تموز التي كتبها العميد خليل إبراهيم حسين/ معاون مدير الاستخبارات العسكرية العراقية الذي ربطتني به صداقة كان القاسم المشترك فيها الاهتمام بالوثائق والحديث الطويل جدا عن الاحداث واغدق عليَّ بالروايات الشفوية والمكتوبة عن هذه الفترة وغيرها وكتب عن معاملة الضباط العراقيين في الاردن يوم 14 تموز ومن الروايات التي نشرها العميد خليل رواية العميد العراقي عبد الله العمري الذي كتب مايلي:
(أما معاملة الأردنيين كانت في مثال اللطف والخلق الكريم إذا بقينا في الكتيبه من 16 الى19 تموز وكنا موضع احترام الجميع. وكانت إمكانيات الكتيبة متواضعة وبسيطة ويصعب عليها استضافة هذا العدد الكبير من الضباط وعلى سبيل المثال مطعم الضباط اذ كان صغيراً يتسع لضباط الكتيبة فقط لذا أبى الخلق الأردني العربي والكرم الا ان ندخل المطعم اولاً سواء للفطور او للغداء او العشاء وبعد الانتهاء يدخل ضباط الكتيبه أنفسهم ثم نقلنا الى دار الضيافة يوم 20/ تموز ( الهيئة التعليمية فقط) وكانت هذه الدار مريحة جداً اًو أشبه ما تكون بفندق من الدرجة الممتازة.
اما التلاميذ فخصصت لهم بناية مجاورة جيدة كما خصص فصيل مشاة لحراستنا بأمرة الملازم احمد نسيت اسم والده وكان يزورنا باستمرار امر الكتيبة وكذلك امر اللواء العقيد صالح الشرع)
تعليق العميد خليل:
علق على الروايات الطويلة التي اختصرت بعضها وكتب بالنص مايلي:
(كان سلوك الأردن حكومة وشعباً حضارياً متميزا طبقاً للقانون والأعراف الدولية وواجبات الضيافة تجاه الأعمال غير المسؤولة التي ارتكبت ضد رعاياهم أثناء الثورة ولم يسمح لرد فعل عفوي للغرائز الهمجية والحيوانية ان تقتل وتدمر بدون وازع من ضمير او قانون سماوي او وضعي وعومل العراقيون في الأردن عسكريون ومدنيون معامله إنسانية ولم يخدش شعورهم اي كلمة نابية تدل على قلة الذوق او الخروج على اداب الضيافة وفي قراءة ما سطره الأستاذ العميد الركن العمري الذي تولى امرية كلية الأركان في تلك الفترة خير شاهد على ما أقول)
الخلاصة : لاحظت ان شهادات العراقيين تميزت بالوفاء لتلك المعاملة المميزة من الأردن علماً ان شهادتهم كتبت في عام 1980م ولم تكن العلاقات الأردنية العراقية قد بلغت ذروتها بعد وهذا يدل على وفاء العراقيين لتلك المعاملة المميزة وناحية ثانية أحب ان أشير لها ان العراقيين يوثقون بطريقه لم أتوقعها وأنهم يشيرون للساعة والدقيقة أحيانا عند ذكر بعض الوقائع (ولدي شهاداتهم كامله اخذتها من العميد خليل وللعلم لم انشرها كلها).
واخيرا اناشد الاردنيين في الاردن ان يتعاملوا مع الضيوف بحكمة بالغه والا يهدموا ماضيا تليدا وليعتمدوا على القانون والنظام وطول البال والسياسه لاتصنع في الشوارع واتركوا الامر لاربابه وانصرفوا لاعمالكم ويكفي ابلاغ اولي الامر عن الاخطاء ولاداعي للردح والتعليق على المواقع الالكترونيه .يكفي الوطن منكم ان تحافظوا على واجباتكم تجاهه وان تحافظوا على المال العام واحترام قواعد السير والعطاء للاردن العزيز. والحكومة قادرة على استراداد حقوقكم بالقانون والنظام. لقد كادت جماهير كرة القدم في مصر والجزائر ذات يوم قبل اعوام قليله ان تضيع تاريخ مصر المشرق في دعم ثورة الجزائر لاسباب مثل هذه الاسباب".