الشهيد محمد الطراونة وإخوانه
سميح المعايطة
19-05-2008 03:00 AM
يكتب بعضنا او يتحدث عن مسؤول كبير مدحا وذكراً للإنجازات والرؤى، وقد يدخل بعضنا في سجال مع خصوم مسؤول ينكرون إنجازه وعظمته.
سأتوقف وإياكم مع شخص لا نعرفه، ولم نره في حياتنا، لكنه اكتسب صفة مقدرة من الله تعالى قبل البشر، ونعرف المؤسسة التي هو منها القوات المسلحة التي هي حصن الاردن وملح ارضه.
الشهيد محمد الطراونة؛ فقد قرأت خبراً صغيراً، في الزميلة عمون، عن استشهاده اثناء أداء واجبه في منطقة حدودية اثناء مطاردة لمجموعة لا نعلم ما كانت تسعى إليه لكنه سعي خبيث سواء كان امنياً او تهريب مخدرات او عبثا.
وقرأنا نعياً من رئيس هيئة الاركان لهذا الضابط الشاب، وربما لأسباب خاصة بالقوات المسلحة، لم نعلم تفاصيل الحادثة، لكن ما يعنينا ان مثل هذا الرجل الشهيد رمز في عمله وتضحيته ويستحق من بلده والإعلام والناس بعضاً من الوفاء، لأننا لا يمكن ان نرد الجميل لأي شخص يقدم لنا ولوطنه روحه وحياته وشبابه لكنه بعض الوفاء.
ولعلنا نحاول ان نصنع نوعاً من التوازن، لأننا قد نعطي صفحات في كثير من وسائل الإعلام لمطرب او ممثل او وزير او رجل اعمال، ونريد ان نعطي مساحات لشهدائنا في الحاضر والماضي. شهداء لم يقدموا حياتهم ليحظوا بخبر او مقال لكنهم يستحقون منا الكثير. فالشهيد الطراونة ترك وراءه اسرة وعائلة وأقارب فقدوه، وترك اصدقاء وحياة كاملة، نحن لا نعرف أهله وأقاربه ولا ندري ان كان له اطفال، لكننا نعلم انه ترك فراغاً وألماً في حياة من كانوا حوله.
والشهيد محمد الطراونة ابن القوات المسلحة يذكِّر بالشهيد الشاب الملازم النعيمات ابن الأمن العام الذي استشهد في أحد شوارع عمان قبل اكثر من عام اثناء مطاردته لمجموعة خارجة على القانون، اندفع خلفها سعياً للحفاظ على حياة الناس وممتلكاتهم، فكان شهيدا وهو في بداية حياته العملية في الامن العام.
شهرا أيار وحزيران يحملان مناسبات كريمة منها عيد الاستقلال ويوم الجيش، وهي مناسبة لنذكر كل شهداء الاردن الذين قدموا الكثير لقضايا أمتهم ووطنهم، منذ شهيد على ارض فلسطين وقافلة طويلة حتى ممن اصابتهم الجراح او حققوا بطولة وبقوا في الحياة شاهدين على ذلك التاريخ، حتى رفات الشهيد محمود الحكوم العبيدات الذي استشهد على اسوار القدس عام 1967 وتم نقل جسده الطاهر الى الاردن مؤخراً.
الحكاية ليست كتابة عن اشخاص، رغم انهم يستحقون ذلك، بل عن نهج وممارسة وسلوك رفيع من البطولة والتضحية. فهؤلاء هم عامل التوازن الوطني والاخلاقي في زمنٍ اصبح الولاء بالنسبة للبعض موقعاً والانتماء وظيفة بحيث تغيب هذه الاشياء اذا فقد وظيفته، فينقلب معارضاً وناقداً حتى لأشياء كان يدافع عنها ويمارسها يوم ان كان صاحب قرار.
لا نكون مبالغين اذا طالبنا الحكومة بتعديل على قانون التقاعد. بحيث يمنح للشهداء من ابناء القوات المسلحة وكل الجهاز العسكري تقاعد لا يقل عن تقاعد تمنحه الدولة لنائب لا يقضي اكثر من اربعة اعوام في المجلس، او وزير يستحق التقاعد الوزاري حتى لو عمل وزيراً لأيام. فتكريم اسر الشهداء بهذا اقل واجب، وما دمنا نمارس كرماً تشريعياً، فالأولى به الشهداء وأسرهم وابناؤهم.
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد