في أحد المعارض الفنية تعثر أحد الأطفال في تايوان بلوحة فنية تعود للقرن السابع عشر فسقط عليها وأتلفها، طبعا اللوحة ثمنها فقط (54 . 1) مليون دولار ومستوحاة من الرسام الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي أو رسمها بنفسه، وقد تم إصلاح اللوحة فورا في المعرض وعادت للعرض.
طبعا، سنتوقع أن الطفل الآن في العناية الحثيثة يعاني من ارتجاج في الجمجمة أو أنه في مركز تصحيح البصر، حيث يبذل الأطباء جهودا لإعادة بؤبؤ العين إلى مكانه الطبيعي، أو أنه عند طبيب الجلدية لإعادة ترميم الوجه؛ لأن والدته لم تعد تتعرف عليه، وعلى العكس تماما لم يحدث كل ذلك، بل تم تقبل اعتذار عائلة الطفل عن ما حدث، بعد أن أعربوا عن أسفهم الشديد ولم يتعرض الطفل لأي عقوبة!
هذا في تايوان، لوحة تعود للقرن التاسع عشر ولم يتعرض الطفل حتى لـ (بوكس)، وأنا في إحدى المرات تعثرت عن دون قصد بكوب (شاي) يعود لجارتنا، ولغاية اليوم أقرط بحرف (السين) لأن خدي اليمين أكل (خماسي) اعتقد الأطباء في ذلك الوقت أن ما تعرضت له من المستحيل أن يكون (خماسي) بشري، بل من شدة التشوهات اعتقدوا في البداية أنه تسرب نووي!
يا سلام ، لوحة ثمنها (54 . 1) مليون دولار ولم يتعرض الطفل حتى لقرصة (أذن)، وأنا في إحدى المرات كنت في محل الخضراوات وزلّت من يدي (بطيخة) ثمنها فقط (1) دولار، ولغاية اليوم بعد الساعة الثانية فجرا أستيقظ مفزوعا معتقدا أن صاحب محل الخضراوات جاء لينفذ تهديده بأنه سيرميني (للغولة)، طبعا أكملت دراستي وتزوجت وجاءني أولاد و(الغولة) لا تذهب أبدا من مخيلتي؛ لأن صاحب المحل كان جادا في تهديده، وها أنا حتى اليوم لا أفكر، ولا في بالي شيء سوى انتظار قدوم (الغولة) وكل ذلك من أجل (بطيخة)!
يا لروعتهم، تقبلوا اعتذار الطفل عن إتلاف لوحة لأشهر الرسامين العالميين، وأنا لغاية اليوم كلما شاهدتني الجارة قالت لي: بعدك أعمى! ولغاية اليوم كلما شاهدت صاحب محل الخضراوات أفر هاربا محطما في كل مرة الرقم القياسي العالمي في 500 متر حواجز خوفا من (الغولة)!
نعم، هم يكبرون وفي وجدانهم أجمل صور التسامح واحترام الإنسانية، فتجدهم في كل مكان مبدعين، ونحن نكبر ولازالت ( الغولة) في وجداننا؛ لذلك تجدنا في كل مكان مرتجفين!
تريدون اليوم أن نبدع وأن نناقش وأن نثور ضد تجبر المسؤولين ونحن صنيعة (بوكساتكم)، أي أنا بعدني بنام و(اللمبة) مضوية مش اقف ضد قرار مسؤول!
الشرق