تلفزيون الخدمة العامة نقلة جديده ام انتكاسة اخرى
د. عدنان سعد الزعبي
27-08-2015 05:57 PM
من الاحلام الوطنية ان نرى اعلاما حرا يمارس دور السلطة الرابعة بنزاهة وشرف ويحقق القواعد المهنية ومباديء اخلاقيتها مترفعا عن الصغائر والغايات والمصالح , ويحمل هموم الوطن على راحتيه ويكون الناطق باسم الوطن والمواطن ويمارس دور المعلم والمثقف , والجندي الذي يحرص على سلامة المسيرة برقابة واعية نزيهة ساميه لا تهبط للسفاسف , ولا تبالغ بالطرح . فالاعلام هو المرآة التي تعكس هوية الوطن والقلب النابض الذي يوجه اساسات الديمومة لكل مكوناته ويحافظ عليها لتكون عناصر بناء لا عناصر هدم .
ان الخطاب الاردني لم يكن في يوم من الايام محصورا في الشأن الداخلي ولم تكن الرسالة الاردنية منذ انشاء الدولة وما قبلها يقف عند حدود الجغرافيا , حيث كانت القومية والانسانية على الدوام عنوانا بارزا في الفكر والنهج والتوجه ساهمت في ترسيخ مفهوم التعاون بين الامم والشعوب وصهر المعيقات وزرع التعايش السلمي الاممي وتعاون الحضارات وتعزيز القواسم المشتركة بين المجتمعات والفئات المختلفة للمشاركة في البناء الانساني ومواجهة تحدياته من عنف وارهاب وتطرف و احتكار للمعرفة واستعمار للعقول والثروات ومصادرة حقوق الانسان , وما كانت رسالة عمان , او خطابات الملك في الكونغرس الامريكي او في الامم المتحده او في الاتحاد الاروبي او خطاب ولي العهد في مؤتمر السلام والشباب الذي عقد بالامس في مأدبا اضافة لحديث الملك عبر مئات المقابلات مع كبريات الصحف والمحطات العالميه الا دليل على النظرة الشموليه والتصورات الاعمق التي تمثل الرؤيا الاردنية . فنحن نتحدث عن دولة تقوم بادوار وتقدم تضحيات تتجاوز الكثير الكثير من القدرات والامكانيات .
واذا كنا مدركين لهذا النهج فاننا بامس الحاجة الى بناء الذات والارتقاء بالفكر الداخلي وتحويله الى سلوك بحيث نسمو بخطبانا الاعلامي ليتماشى مع حجم كل هذه التحديات وتسليحه بادوات الديمقراطية الحقة و ممارسة دوره كسلطة رابعة تتعامل مع كل مكونات المجتمع وتحترم الراي الاخر وتشجع صور التعبير الصادقة المعتمدة على الحقيقة واستقصاءها بحيث تركز على دور الرقابة وقبلها التعليم والتثقيف والتحليل وبشكل راق يعكس مدى التطور الفكري الوطني وشموليته ورؤياه الستراتيجيه بعيدا عن المناكفة والشخصنة والاحتكار والاتهامية ودهاليز المؤامره . نعم نريد اعلاما يكون رفيق الفرد والمجتمع , وعنوان المواطن وهمومه وتطلعاته والمحقق لهويته التي طالما ان افتخرنا بها وتميزنا بعطاءاتها .
نريد ان نقدم الوطن كأنموذج عا لمي فريد يسعى نحو الامن والاستقرار العالمي ويعمل من اجل التعايش والتعاون الانساني مركزا على حق الشعوب بالعيش بامان وتوفير المناخات التي تمكنها من المشاركة في البناء الانساني بعيدا عن التسلط والعنف واستلاب الحقوق . اعلاما يدرك حجم التطور التكنلوجي في الاتصالات ومدى الاستفادة منه خاصة وانه يتجاوز كل معايير الرقابة والاغلاق التي يضعها حراس البوابة المعينين ويفتح ذراعيه لكل بني البشر .
واذ كانت الاستراتيجية الاعلامية 2011-2015 قد ركزت على خطوات تطوير الاعلام بالتدريب والتأهيل فاننا بامس الحاجة الى التركيز على ان الاعلام لا يمكن ان ينجح اذا وجه دوره ليكون ناشط للعلاقات العامة , والذي يبعده عن دوره التوعوي التثقيفي التعليمي جنبا الى جنب مع عدم الاستفادة من هذا التطور الكبير في مجال التكنلوجيا الاتصاليه وعصر الانترنت .
الطموح الاردني الاعلامي كبير والدور المطلوب اكبر ونحن كمتخصين ومراقبين وممارسين نطمئن على بداية المسيرة خاصة في كنف شخصية اكاديمية كالدكتور محمد المومني , والذي درس الواقع الاعلامي وتحدياه وخرج بقناعات كان اولها اهمية تنفيذ الاستراتيجية بانشاء محطة تلفزيونية جديده للخدمة العامة لها اهدافها الاعلامية المشروعة ولها نظامها الحر والمستقل ولها كوادر مؤهلة بالفكر المنفتح وألتاهيل العالي والانتماء الوطني وبالمعرفة اللازمة لدور الاردن ورؤياه وثوابته .
بداية موفقه لمسيرة تأخر تطبيقها اكثر من 12 عام اي منذ رؤيا الملك الاعلامية , فهل سنشهد مزيدا من البدايات المفرحة ام سيتكرر المشهد ما بين انتكسة واخرى ؟