صباح امس احد المذيعين او مقدمي البرامج في احد المحطات الاذاعية تبث من البلد وفي برنامجه الصباحي... اتصل به سائق وقال له عندي ملاحظة وهي ان شرطي السير كان بده يخالفني على اي شيء، وبتعرف على شو خالفني، لأني كنت اقود سيارتي في الليل ومش لابس نظاراتي الطبية، ومكتوب بالرخصة انه يجب ان اضع النظارات اثناء القيادة..
مقدم البرنامج رد مباشرة وقال خلص يا اخي ما انت قلت يعني بده يخالفك بده يخالفك... خليها على الله يا رجل .. وشارك المقدم المتصل انتقاداته لرجل السير التي لا اذكرها الان بحرفية كما سمعتها.
بصراحة اذهلني رد مقدم البرنامج ذلك انه كان يمارس برده دورا في غاية السلبية خصوصا ان المخالفة التي ارتكبها السائق خطيرة جدا، ويرى انه ليس مذنب، وان رجل السير قد تجنى عليه.
انا من الفئة التي ترتدي النظارة اثناء القيادة خصوصا في الليل، واعلم كم تكون القيادة في غاية في الخطورة بدون النظارات، رغم ان قصر النظر عندي بحدود الدرجة الواحدة فقط، فكيف سيكون الحال لو كانت اكثر من ذلك.
والسؤال؟ أي ثقافة يريد هذا المذيع او مقدم البرنامج ان يكرسها بالمجتمع من خلال رده، هل يريد تكريس ثقافة عدم احترام القانون.. هل يريد ان يقول للباطل انك حق؟ هل يريد ان يسهم في تعبئة الناس البسيطة على مؤسساتها وتدريبها على الشكوى الباطلة.
لما لم يقل للسائق انك ارتكبت مخالفة وانها تستوجب العقوبة وانها مخالفة ليست بالبسيطة، وان رجل السير قام بواجبه بغض النظر عما تعتقده انت، خصوصا ان مخالفتك واضحة.
رجل السير قد يخطئ وربما حدث معنا بعض تلك الاخطاء.. عندها يجب ان ننتقده لكن عندما يكون على حق ويقوم بواجبه علينا ان نتقى الله بما نتركه من ندب في ثقافتنا اليومية وما نتركه من تشويه في افكار الناس البسيطة.
ليس هذا المذيع الوحيد الذي مارس هذا الدور، كل يوم صباحا ومساء نسمع مقدمي برامج يكيلون بما لا يعرفون، ويشوهون صورة مؤسسات كثيرة ويشوهن افكار العامة، ويجيشون واو واو والقائمة تطول وتطول.
الخلاصة لا بدا من محاسبة هؤلاء محاسبة عادلة تنسجم مع حجم الاثر السلبي الذي يلحق بالمجتمع وثقافته ومؤسساته جراء ما يقومون به.
ربما هيئة المرئي والمسموع عليها مسؤولية في مراقبة هذه المحطات وما يصدر عنها، فان يمنح الفضاء والاثير لشخص يطلق من خلاله كل ما يجول بخاطرة بهذه الطريقة وحسب مزاجه وتوجهاته وفهمه، فهذا امر غير منطقي وله تداعيات وانعكاسات كثيرة وسلبية.
المدقق في ما يصدر عن بعض مقدمي هذه البرامج يكتشف ان هناك مساحة هائلة للخراب والتذمر والاطاحة بثقافة المجتمع.
النقد مطلوب واقصد النقد المسؤول.. ودور هؤلاء ينبغي ان لا يتجاوز في اغلب الاحيان دور ناقل الملاحظة لا ان ينصب نفسه قاضيا شعبيا ويأخذ بإصدار الاحكام بطريقة جزافية وفي احيان اخرى اكثر من ذلك.
يكفي تلويثا لأفكارنا وتخريبا لعقول العامة منا وعلى المؤسسة الاعلامية الرسمية ان تتصدى لهذا الكم الهائل من التخبط والفوضى الاعلامية العارمة في هذه البرامج التي يسعى بعضها الى كسب الشعبية والمال... الخ.