5 ملاحظات حول أسباب انهيار الأسواق المالية
زياد الدباس
27-08-2015 02:08 PM
١-عندما ترتفع اسعار اسهم الشركات المدرجة في اي سوق مالي الى مستويات غير منطقية ومبالغ بها بحيث تصبح الفجوة كبيرة بين السعر العادل والسعر في السوق وبحيث ترتفع مؤشرات تقييم الاسعار وفي مقدمتها مضاعف الاسعار (السعر في السوق مقسوما على ربح السهم ) بنسبة كبيرة وارتفاع القيمة السوقية الى أضعاف القيمة الدفترية فان هذا الوضع يعبر عن مضاربات مفرطة في السوق لا يدعمها نمو كبير في ارباح الشركات او توزيعاتها السنوية وبحيث تعطي هذه الحقائق مؤشرات هامة على قرب انفجار الفقاعة وانهيار الاسواق.
ومضاعف الاسعار عام ١٩٢٩ وفي شهر تشرين الاول عندما حدث الانهيار في السوق الامريكي كان مؤشر مضاعف الاسعار 23 مره بعد الارتفاع الكبير في الاسعار والذي بلغت نسبته ٤٠٪ بحلول منتصف شهر آب من ذلك العام وهذا الارتفاع الكبير كان يصعب على المحللين تبريره مما أدى الى سيطرة الخوف على المستثمرين وحل محل الجشع والجدير بالذكر ان مؤشر داوجونز الامريكي للشركات الصناعية هبط عام ١٩٨٧ مايزيد عن ٢٢٪ وهي اكبر نسبة هبوط خلال يوم واحد في تاريخه وهذه النسبة ضعف نسبه الهبوط التي شهدتها البورصة يوم الانهيار العظيم عام ١٩٢٩.
٢- في بداية عام ٢٠١١ كانت قيمة المؤشر المركب لسوق شنغهاي الصيني حوالي ٢٨٠٠ نقطة ارتفع هذا الرقم في شهر حزيران الماضي الى ٥٢٠٠ نقطة ساهم بهذا الارتفاع الكبير وغير المبرر السياسة النقدية المتساهلة وإرخاء القيود على الائتمان والذي شجع المستثمرين والمضاربين على اللجوء الى قروض الهامش بحيث ارتفعت قيمة هذه القروض من نحو ٤٠٠ مليار يوان الى ٢,٣ تريليون يوان في حزيران الماضي اضافة الى توفر نمط غير رسمي للتمويل من خلف الأبواب يتم من خلاله اقراض مئات المليارات للمستثمرين وهذه السيولة الضخمة التي تم توفيرها للمضاربين ساهمت مساهمة كبيرة في نفخ بالون الفقاعه وبالتالي إعطاء إشارات للمتخصصين بقرب انفجارها مع الاشاره الى الدور الذي لعبته القروض المفرطة التي قام بمنحها السماسرة تحت نظام الشراء بالهامش او المارجن عام ١٩٢٩ بحدوث الانهيار وحيث ساهم هذا النظام بمساعدة المستثمرين على تكوين محافظ من الاسهم باستخدام اموال مقترضة كوقود للمضاربة وهذا النظام يعمل بشكل جيد في حالة استمرار اتجاه الاسعار نحو الارتفاع بينما عندما تاخذ الاسعار في التراجع عن حدود معينة فان السماسرة يأخذون في بيع الاسهم المرهونة تجنبا للخسارة التي يمكن ان تلحق بهم اذا انخفضت القيمة السوقية للاسهم عن اجمالي الائتمان الذي تم منحه.
وانتشار المتاجرة بنظام الهامش في الصين هذا العام أدى الى فتح ٢٠ مليون شخص حسابات في سوق الاسهم من اجل الانضمام الى قطيع المضاربين بحيث بلغ عدد المستثمرين في البورصة الصينية حوالي٩٠ مليون مستثمر، والمعلوم ان الاقتراض يضخم المكاسب حين يرتفع السوق بينما تتضخم الخسائر عندما يبدأ السوق بالانخفاض وفي الاسواق المتقدمة قد يساهم التحليل الفني بالتنبؤ بالانهيار باعتبار ان الاسواق تسير في أنماط قابله للتوقع كما هو واضح في التشابه المذهل بين الرسوم الخاصه بالاسواق خلال انهيار عام ١٩٢٩ وزلزال عام ١٩٨٧.
٣- من الملاحظ تخوف المستثمرين حول العالم مما يحدث في بورصة الصين اكثر من تراجع سعر النفط او قوة الدولار او رفع الاحتياطي الامريكي لسعر الفائدة او المشاكل في اليونان وحيث تملك الصين الحجم الكافي للتأثير في العالم باعتبارها ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد ان ساهم نموها الكبير بتجاوز اليابان وألمانيا.
والصين اكبر مستهلك للمواد الخام مثل النفط والنحاس وتراجع النمو في الصين من ١٠٪ عام ٢٠١٠الى ٧٪ خلال النصف الاول من هذا العام أدى الى تراجع اسعار هذه المواد خلال الفترة الاخيرة وهنالك تخوف من تراجع اكبر في النمو يساهم بتراجع اكبر في اسعار المواد الأولية.
والتراجع الكبير في سعر النفط انعكس بصورة واضحة على الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها اسواق الخليج وفي مقدمتها السوق السعودي والمعلوم ان التطورات في اسواق الاسهم عادة ما تعكس سلامة الأوضاع الاقتصادية باعتبار ان سوق الاسهم هي بارومتر الاقتصاد والتخوف من دخول الاقتصاد الصيني في حالة كساد بعد انهيار البورصة مع العلم ان الحكومة الصينية سوف تتبع جميع الإجراءات لضمان استمرار نمو الطلب الكلي بحيث يضمن عدم دخول الاقتصاد في حالة ركود والمعلوم ان انهيار سوق نيويورك عام ١٩٢٩ انهى عقودا من الازدهار الاقتصادي الذي عاشته الولايات المتحدة بعد ان دخل الاقتصاد الامريكي في حالة ركود اقتصادي عميق استمر فترة طويلة ولم يخرج منها الا مع بداية الحرب العالمية الثانية والتخوف من تكرار هذا السيناريو في الصين يلعب دوراً سلبياً في مؤشرات الاسواق العالمية وللحديث بقية.
"الراي"