آلمني منظر عش حمامة قامت في بنائه على شرفة منزلي، ومبعث الألم ان العش كان مبنيا من أسلاك الحديد وقطع بلاستيكية مختلفة وليس من قش الشجر، فهل أصبحت نفاياتنا أكثر إنتشارا من الشجر يا بشر؟!
الألم الذي يسكنني وما زال على هذا الثمن الذي يدفعه الطائر والحيوان في برنا وبحرنا دفعني للاستغراق في الثمن الذي ندفعه أيضا كبشر من مشكلة "النفايات" التي أصبحت تتزايد رغم تزايد المدارس والمعاهد والجامعات وتطور وسائل الاتصالات في وطني ورغم التوجيهات الدينية الحنيفة بالاسلام للحفاظ على نظافة الفرد ونظافة بيئته، فهل حقا ندرك نحن كمواطنين وحكومات آثار هذه المشكلة المقززة على وطني من جميع الجوانب في الحياة...
(إحسبوا) معي بالورقة والقلم الكلفة المادية التي تتحملها الحكومة ومن خلال المجالس الخدمية للتخلص وإزالة النفايات من شوارعنا وحدائقنا وحاراتنا وكل مكان في بلدنا برا وبحرا ستجدوا ان الكلفة وبشكل تقديري تتجاوز عشرات الملايين من الدنانير هذه الملايين التي تستنزف الموازنات الحكومية جزء كبير منها ندفعه ثمنا لعدم الوعي من بعضنا بالمحافظة على النظافة العامة..
للأسف الشديد فإن هذه الملايين لـ "زبالتنا" أكثر من المبالغ المرصودة على البحث العلمي في جامعات وطننا وإذا تعمقت أكثر فإن هذه الملايين كان من الممكن الاستفادة منها في بناء المدارس في الوقت الذي تعاني منه مدارسنا من اكتظاظ صفوفها باعداد الطلبة الدارسين فيها لنلمس ذلك في علم وسلوك اولادنا إيجابا، وهذه الملايين أيضا كان من الممكن الاستفادة منها في تحسين مشافينا الحكومية من زيادة في كوادرها ودوائها ومرافقها لينعكس ذلك على صحة المواطن، وهذه الملايين كان من الممكن الإستفادة منها في بناء الحدائق العامة لتكون متنفسا لأولادنا بدلا من تركهم لأمراض الشوارع، وهذه الملايين كان من الممكن الإستفادة منها في تشغيل العاطلين عن العمل من أبنائنا بدلا من أكوام الأحباط التي تتراكم في صدورهم في وطنهم الذي يحضنهم..
لن اتعمق واحسب كثيرا ايضا في الملايين الذي تضيع هباءا من المواطن والوطن نتيجة عدم المسؤولية التي نجنيها من البعض لأنه لم يحافظ على النظافة في الوطن ولكنني اتساءل أين الدور الحكومي أيضا في التعامل مع هذه النفايات والإفادة منها للحد من هذا الاستنزاف المادي الحاصل لإدارة النفايات ؟ فمؤخرا بدات مدينة " فاس " العاصمة الروحية للمغرب الشقيق بإنارة منازلها وشوارعها من الغاز المستخرج من نفاياتها وبكلفة إستثمارية بلغت عشرة ملايين يورو في الوقت الذي نجد فيه من أبناء الوطن على مقدرة وكفاية علمية وفنية لعمل مثل هذه المشاريع الحيوية والسؤال الأبرز والمهم للحكومة وكل المعنيين في هذه المشكلة اما آن الاوان لتفعيل القوانين والإجراءات الرادعة بحق كل من يرمي النفايات في وطني؟!
أن التعامل مع هذه الظاهرة المؤلة في وطنني يتطلب ايضا دورا فاعلا وموجها من أولياء الامور والمدارس وبيوت العبادة والإعلام لتسليط الضوء على الثمن الذي ندفعه من جميع النواحي نتيجة " زبالتنا " فالعش الذي يحضننا كوطن بحاجة ماسة لكل قرش لكي نبنيه بالأخلاق والعلم لكي نرتقي ونتقدم في مصافي الامم....
hamaqaba@gmail.com