هل من الصحيح ان يكون رجل الاعمال نائبا ؟
د. مفلح الجراح
24-08-2015 07:19 PM
أن تكون عضوا في مجلس النواب أمر جيد بداعي التصدي لمهام تشريعية ورقابية تخدم بها الأمة، حاملا معك هموم الوطن والمواطن، متمكنا من العمل بإخلاص منقطع النظير لتحقيق المصالح العامة للمجتمع، دون ضغوط أو ابتزاز في وقت تعصف فيه المساومات والصفقات دون رقيب أو حسيب بمبررات ما انزل الله بها من سلطان.
بداية للرجل العام في كافة مواقعه وعلى رأسها مجلس النواب مقومات لابد من توافرها حتى نحقق مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب والتي تفضي بالضرورة إلى العمل المبدع والمميز والمنتج لأهدافه الموضوعة بأقل تكلفة ممكنة مهما كان نوعها، وتتمثل تلك المقومات بطبيعة الشخص نفسه وسلوكه وقدرته على تحمل الضغط والعبء الاجتماعي والقانوني، فهل شخصيته اعتادت على مخالطة الناس؟ والاستماع إلى شكواهم وآرائهم، وتفهم مطالبهم وقضاياهم، وهل بيته مفتوح لاستقبال الناس؟ أو هل لديه القدرة على تحمل ذلك؟ وهل له الخبرة في ذلك ؟ أم انه سيتعلم ذلك عندما يصبح عضوا في المجلس، بحيث يكشر عن أسنانه معلنا انطلاقة خدماته وبطولاته أمام الناس، بحيث يبدأ مع كل شخص يراجعه بأن يلتقي معه غدا أمام مكتب المسئول الفلاني مبيتا النية لاستعراض عضلاته أمام ذاك المسئول بحكم القوة الممنوحة له كنائب امة، لأنه أصلا لم يعتاد على معالجة تلك القضايا في السابق، وهو حديث صنعة بها،متناسيا ما قد يحدثه ذلك من فوضى وارتباك للدوائر الرسمية التي يراجعها باستمرار، ناهيك عن المصاريف التي يحملها لذلك الشخص في الذهاب والإياب والكثير منهم للأسف يعجزون عن توفير بدل تنقلاتهم تلك، علما بأنه يستطيع تدارك ذلك كله بإجراء مكالمة هاتفية مع صاحب الاختصاص ويتوصل إلى نتيجة مبدئية تساعد في إيجاد الحلول الأولية لتلك القضية ثم دعونا ننظر إلى فاعلية النواب بعين مجردة دون محاباة أو تحامل؛ فالنائب القوي المتمكن لا يكون ابتداء واقعا تحت ضغط مصالحه الخاصة التي يراجع بشأنها الدوائر الحكومية؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر التاجر الذي لا بد لانجاز عمله مراجعة دائرة الجمارك، فهو يخشى إذا ما اتخذ موقفا ضد توجه حكومي ما،أن يضيق عليه من قبل الحكومة كرد فعل على موقفه المعارض وبالتالي يتراجع عن موقفه تداركا لذلك، والأمثلة كثيرة جدا ويعرفها القاصي والداني في مجتمعنا الأردني، وبهذا نخلص إلى الحقائق التي مفادها إذا كنا فعلا نريد مجلسا قويا يتبنى سياسات وتشريعات هادفة فيجب علينا أن نحصن المجلس بقوانين ناظمة لعمله تهدف إلى استقلاله استقلالا تاما والمقصود هنا باستقلال المجلس أي استقلال أعضائه ابتداء، فكما نمنع على الموظف أو من له علاقة تشاركيه مع مؤسسات الدولة بالترشح لمجلس النواب فمن باب أولى أن نمنع من له مصالح تجارية خاصة به قد تتعارض مع فعاليته ودوره الرقابي من الترشح أيضا، وبالمناسبة نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن تحقيق المصالح المشروعة، ولا نحن كشعب ضدها، وكي لا نقف ضد هذه الطبقة المهمة في المجتمع من حق الترشح ولا نعتدي أيضا على القاعدة القانونية بان الأردنيين كلهم متساوون أمام القانون، فلا يضر لمعالجة تلك الحالات بسن قانون وتشريعات يحظر فيها على عضو المجلس مزاولة أي من نشاطاته التجارية أثناء عضويته في المجلس لضمان استقلاليته وفعاليته.