دورالأستاذ الجامعي التربوي تجاه أبنائنا الطلبة
أ.د. عدنان المساعدة
24-08-2015 06:11 PM
ان توجيه بوصلة مجتمعنا الاردني بالإتجاه الصحيح نحو عملية البناء الشامل أمر مناط بالجامعات التي تشتمل على أساتذة وبيوت خبرة في كل المجالات والتخصصات إعدادا وتأهيلا وتسليط الضوء على الجوانب المشرقة والمشرّفّة والهادفة لتحقق الجامعات رسالتها العلمية والتنويرية والثقافية والوطنية تجاه إعداد الأجيال، لتكون هذه الأجيال معاول بناء وبراعم خير تنعكس آثار ذلك على مفهوم التنمية الشمولي الذي تسعى الدولة الأردنية الى تحقيقه.
ويعتبر الأستاذ الجامعي ركيزة مؤثرة وأساسية في عملية البناء المعرفي والتربوي، حيث يغرس مفاهيم وطرق التفكير العلمي والمنهجي في أذهان الطلبة وكيفية التعامل مع حل المشكلات التي قد تواجههم خلال مسيرتهم الدراسية والعملية والإجتماعية، ليتم وضع أنجع الحلول لها بوعي وفهم وإدراك ودون تسرع او إنفعال. فالمنطق ان يكون موقع الاستاذ الجامعي في مركز الدائرة والطلبة موزوعون على محيطها لتكون المسافة بين اي نقطة على محيط الدائرة ومركزها واحدة، فالطلبة كلهم ابناؤه ولا يبخل بتقديم عصارة فكره وخبراته للجميع.
لذا، فان الدور المناط بالأستاذ الجامعي يجب ان يتجاوز أي أمر مادي او مصلحة ضيقة وأن يتسامى فوق كل ذلك، لأن الرسالة التي يحملها تجاه أبنائه ووطنه وأمته هي رسالة عظيمة حيث تقع مسؤولية الأمانة الملقاه على كاهله في أربعة مهام رئيسة وهي مهمة الجانب العلمي والتدريسي ومهمة الجانب التربوي ومهمة البحث العلمي ومهمة خدمة المجتمع، وكل هذه الجوانب متممة ومتداخلة مع بعضها البعض لتشكل الشخصية المتكاملة للأستاذ الجامعي الحقيقي ليقوم بدوره على الشكل الأكمل. ولابد للأستاذ الجامعي ان يعمل على تطويرنفسه وتنمية مهاراته بشمولية وتكامل لتعطي شخصيته الأكاديمية توازنا وقوة كونه يمثل قمة الهرم العلمي في المجتمع، ويسهم في رسم الطريق للنهوض بمجتمعنا في مختلف مسارات التنمية.
وعلى الاستاذ الجامعي أن يتمتع بنظرة إيجابية للأمور وان يغرس ذلك في نفوس طلبته رغم وجود بعض التحديات والصعوبات التي تواجه مسارات الحياة، ومن هنا، فالعلاقة بين الأستاذ الجامعي والطلبة لم تعد قصرا على القاعات الدراسية والمختبرات او شرح حالة مرضية أو حل مسألة رياضية أو توضيح معادلة كيميائية مع أهمية كل ذلك، وإنما تمتد لتخصيص جزء حقيقي من وقته للإرشاد التربوي للطلبة، وأن يتفاعل معهم عند طرح مشاكلهم وعليه أن يساعدهم في حلها مباشرة ودون تأجيل وبصورة علمية دقيقة ومدروسة لأن تأجيلها قد يؤدي الى تراكمات سلبية كثيرة.
وعلى الأستاذ الجامعي أن يؤدي دوره الأبوي والتربوي تجاه الطلبة وتعديل سلوكهم في جميع جوانب حياتهم ومساعدتهم في بناء شخصيتهم السوية والمتوازنه، وأن ينظر الى الطلبة نظرة الأب موجها ومرشدا وان لا يجعل من العقوبة هدفا بقدر ماهي توجيه تربوي خالص، مما يستوجب تفعيل دور الارشاد الاكاديمي والتربوي لابنائنا الطلبة أولا قبل أن نتخذ اجراءات العقوبات التي تمارس من قبل البعض احيانا باسلوب انفعالي بعيدا عن الغاية التربوية التي يجب أن تصب في تقويم السلوكيات الخاطئة بأسلوب تربوي متوازن.
لذا، فإن إمتلاك الأستاذ الجامعي للجانب التربوي والثقافي أهميه كبيرة في بناء شخصية الطالب الجامعي وتوجيه طاقات التميّز والبناء المستقبلية، ليكون الطلبة مؤهلين للإنخراط في قطاعات العمل والإنتاج في المجتمع بنفس سوية وشخصية متوازنة، سيما وأن الأستاذ الجامعي يتعامل مع الطلبة الجامعيين وهم في بداية النضوج والشباب، وعليه، ان يكون القدوة في كل شيء أمام الطلبة. وفي خضم التناقضات والتراكمات الحاصلة في المجتمع فإن دورالأستاذ الجامعي يتضاعف، وعليه أن ينهض بدوره التربوي في توجيه الطلبة وتعريفهم على الأمور الأيجابية في الحياة للإستفادة منها والتمسك بها والإبتعاد عن الأمور السلبية، وأن يكون منارة اشعاع دائمة في جميع الامور التي تهم الطلبة.
ومن هنا، فإن تزويد الطالب بالعلم والمعرفة والثقافة لا بد ان يرافقه تزويد بالتربية وغرس القيم النبيلة في النفوس، وأن يعمل على بناء الشعور الوطني عنده وان يجعله يعتز بوطنه وقيادته وحضارة أمته، لنبني جيلا قادرا على مجابهة التحديات بعزيمة وثبات وقدرة على حل الأزمات، سيما ونحن نعيش في عالم متسارع ومتغيّر لا مكان فيه إلا للأقوياء ولنكون قادرين على وضع بصماتنا على خريطة العالم العلمية، وبما يحفظ الكيان الأكاديمي لمؤسساتنا العلمية بحثا وتدريسا وإحتراما لكل منجز يتم ودعمه بأقصى الطاقات.
ولذلك، يبرز دور الأستاذ الجامعي بشخصيته المتسامية عند الطلبة كعامل أساس ومساعد على توجيههم بالإتجاه الصحيح حيث أنه مؤتمن عليهم في كل مسألة تتعلق في بناء مستقبلهم ليقودهم بذلك إلى النجاح والتفوق والعمل الإيجابي بما يجعلهم عناصر بناء وإرتقاء فاعلة في المجتمع وبالتالي يساهمون في بناء بلدهم بعيين فاحصة وناقدة تتطلع بإيجابية تراعي مصلحة الأجيال ومستقبل الوطن.
وحمى الله الأردن وطنا عزيزا قويا وحمى الله قيادتنا الهاشمية القاسم المشترك الأعظم الذي يجمعنا ويوحدنا على الخير وبما ينفع أردننا الغالي ووضع مصالحه العليا فوق كل إعتبار وفي كل مجال، لأنه الوطن الأغلى والأبقى بعون الله.
* استاذ جامعي/جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية