كما نعرف أن الصراع يستوجب وجود قوتين متصارعتين ، ولكن الإنكار يعتبر إحدى هاتين القوتين غير موجودة بالأصل ، فعلى سبيل المثال تبدّل السحلية لونها بلون مطابق تماما للون الشيء المتواجدة فيه لمجرد مشاهدتها لوحش قادم بطريقها... ظنا منها بانها متجنبة الخطر .. وقد يفيد الإنكار في تجنب الألم ، وخاصة ان كان الهدف منه التأجيل لحين استجماع الإنسان قواه ، ليكون أكثر تحملا للمصاعب.وقد يصل الإنكار إلى حد المرض النفسي ، كإنكار الفرد لوجود العالم الخارجي ، كمريض الفصام أو الاكتئاب او الوسواس القهري ,أو لوجوده هو نفسه ، وهذا يسمى " بضلال الإنعدام".
الانكار هي آلية الدفاع النفسي القائمة على الرفض وعدم القبول أو الامتثال لشيء يخصّه، يستخدمها الشخص ليواجه حقيقة مؤلمة، أو لتحقيق هدف ما، على الرغم من توفر أدلة واضحة الرؤيه لنفسه وللجميع، وقد تكون حالة إنكار بسيطة، مثل الإنكار لواقعة أو لمعتقد أو لحدث عابر ,أو انكار عيوب و خلل من نحب واتهام كل من حوله بالخلل و العلل,فعندما نرى أمهاتاً شديدات التعلق بأبنائهن, فينكرن وجود أي عيب أو فشل أو صفة سلبية قد ألحقت بابنهم وبنفس الوقت يقمن بتضخيم عيوب الاخرين لجعل ابنائهن هو الافضل دائماً، وقد تكون حاله انكار كبيرة وتعتبر جريمة بحق النفس ,كانكاره لقتل شخص ما او انكاره لاكتشافه مرض نفسي ام جسدي خطير مما يضعه في صراع مستمر مع نفسه فلا يعرف للاستقرار النفسي ولا للهدوء والطمأنينه وجود في حياته فتراه دائم القلق خوفا من اكتشاف احد لهذه الحقيقه المرة.
ان حالة الانكار غالباً ما تنتج عنها آلام شديدة التأثير و ثمن باهظ يدفعه كل من لم يعالج هذا الوضع ويعترف بوجوده في داخله , بالاخص اذا داست الأيام و السنين على هذا الجرح و الواقع المُنكر فيقوم بدوره بتعطيل قدرتنا على الاحساس وكبت مشاعرنا, يفقدنا طاقتنا حيث نبذل كل طاقاتنا في مجهودات زائفه للهرب من الماضي والخوف من المستقبل, يبعدنا عن أقرب المقربين الينا,الإنكار يوهمنا أن لا أحد يعرف سرنا، لكنهم يعرفون, علينا إذاً أن نحمي أنفسنا و أسرارنا بأي ثمن, والثمن هو أن ننعزل عن الناس حتى نقلل احتمالات أن يروننا على حقيقتنا وما قد يتبع ذلك من رفضهم لنا,عدا عن أنه يبعدنا عن الله ايضاُ ,فان حالة الانكار تضعنا في قوقعة الظلام و الاسرار, والله تعالى يحب النور,يحب بان نكون على حق وعلى يقين من انفسنا ,ان الانكار باختصار يطيل من عذابنا الى أن نجرؤ على الاعتراف به ومعالجته والعيش بسلام لأول مرة.
ان الانكار هي حاجز يحول ما بيننا و بين الألم الذي لحق بنا بكل اشكاله ,هذا صحيح, لكنه في الحقيقة يهيء لهذا الألم المناخ المظلم المناسب ليترعرع وينمو ليصبح إحساساً بالذنب والعار,اننا نعيش حياةً واحده لا أكثر من حياة,فلم لا نعيشها على الأقل مطمئنين هادئي البال و العقل و نترك الخيار للنفس بالعيش كجسد طبيعي ,لا عضو يهلك أكثر من غيره,بل نترك كل اعضائنا تكمل ما أنشأه و بدأه الله بأداء وظائفها باتزان و تكامل ,فإن الله وهبنا تلك النفس أمانة الى حين استردادها منا مرة اخرى,والامانة حمل ثقيل يجب الحفاظ عليها و ابعاد عنها الضرر بشتى انواعه,وغير ذلك تعتبر خيانة لتلك الأمانة,وانكار للنفس.