عمون – وائل الجرايشة – قادت التوترات الكبيرة التي تلف العلاقة بين رئيس الحكومة عبد الله النسور ورئيس مجلس االنواب عاطف الطراونة إلى إطلاق الأخير تصريحات وصلت حدّ "القصف الثقيل" تجاه الحكومة وفق وصف مسؤول افاد "عمون".

وفي الوقت الذي تتلمس الحكومة رأسها جراء تلك التصريحات التي فاجأت فحواها الأوساط السياسية، يقول نواب مقربون من الرئيس النسور أنه كان يتحدث قبل تلك التصريحات بأيام قليلة عن استقرار حكومته وعُرضت تقارير جيدة بخصوص وزارته.

إلاّ أن تصريحات الطراونة اظهرت عدم ارتياح المؤسسة التشريعية لآداء الحكومة والتي ربط جلالة الملك بقاءها برضى مجلس النواب عنها، حيث تبرأ الطراونة من "الشراكة" معها وذهب أبعد من ذلك وهو يلمح إلى "التركة" الثقيلة التي خلفتها المشاورات النيابية حول تسمية رئيس الوزراء.

تصريحات الطراونة لـ عمون الأربعاء الماضي وكأنها تُمهّد للقبول بمبدأ إعفاء مجلس النواب من المشاورات على تسمية رئيس الوزراء لغاية التعجيل برحيل حكومة النسور مهما كانت النتائج، خاصة وأن لا سنداً دستورياً لهذه التجربة التي يراها الطراونة بَنَت علاقة "ملتبسة" بين السلطتين على أساس أنه كان ينظر إليها حكومة برلمانية أو حكومة مشاورات نيابية.

بحسب مقربين من الطراونة فإن النواب بدأوا يشعرون ب"عنجهية" الحكومة ويتطرق الرئيس الطراونة في جلساته الخاصة عن شخص الرئيس النسور في هذا الجانب، ويعتقدون أن هذه التصرفات تأتي من باب اطمئنان الحكومة لبقائها مهما صنعت مع المجلس ومهما فعل المجلس بها بعد أن استقر في ذهن البعض مفهوم (4*4) أي بقاء الحكومة مع عمر البرلمانات 4 سنوات.

التوتر بين رئيسي الحكومة ومجلس النواب بدى على أشده وظهرت المناكفة واضحة الاسبوع الماضي خلال جلسة لجنة الصحة النيابية حيث كان الطراونة طلب أكثر من مرة شمول النواب السابقين بالتأمين، ولم يمانع النسور الأمر من ناحية المبدأ لكنه يؤجل إعلانه وهو ما صرح به خلال الجلسة، ما دفع إلى رد الطراونة مباشرة بأنه اذا كان في ذهنه ربط الأمر بإنتخابات رئاسة المجلس فتقديره خاطىء.

في تلك الجلسة التي جاءت بعد إعتذار رئيس الحكومة النسور أول مرة عن حضورها ومن ثم تواجد بتدخل من رئيس مجلس النواب وفق ما اعلن رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور رائد حجازين، طالب نواب أن تخصص طائرات إخلاء طبية لإسعاف المرضى في المحافظات والمناطق البعيدة في حين رفض النسور المقترح على أساس أنها قد تخضع للمزاجية و"تسبب المشاكل".

الطراونة الذي لم يعجبه رد الرئيس النسور قال لمقربين منه أن جلالة الملك كان هو من يرد على مطالب الشعب وممثليهم في اليوم التالي حيث كان قد أمر بتخصيص طائرتي اسعاف لغرض نقل المرضى.

الطراونة وجه عتاباً ولوماً لتغطية نشاطات المجلس وتحدث على وجه التحديد مع أحد أعضاء الحكومة فيما يتعلق بجلسة لجنة الصحة النيابية التي حضرها رئيس الحكومة وجاءت بطلب من مجلس النواب وكان التركيز أكبر على الضفة الحكومية.

ولم تقف الأمور عند هذا الحد حيث أن الطراونة – بحسب المعلومات - قد طلب أكثر من مرة مخرجات وتوصيات مؤتمر المغتربين الذي عُقد في البحر الميت مؤخراً لكي تقوم السلطة التشريعية بدروها، إلا أنها لم تصل رغم طلبها كتابةً وشفوياً أكثر من مرة.

كل ذلك أسّس لمزاج نيابي مضاد للحكومة ويختلف هذا المرة بأن من يقوده رئيس مجلس النواب ويتناغم مع تحركات نيابية سابقة تقودها قيادات نيابية واقطاب هم في الأساس على خصومة معلنة وباطنية مع الرئيس النسور.