نوري المالكي .. ديكتاتور لم ينزع دسمه!
رجا طلب
22-08-2015 01:00 PM
ربما تحتاج شخصية مثل شخصية نوري كامل العلي الذي كان يلقب قبيل الاحتلال الأميركي للعراق، بجواد المالكي، ثم غير اسمه إلى نوري المالكي في آخر المطاف، إلى أكثر من طبيب أو عالم نفسي، ليقوم بتحليل شخصيته الغريبة والمركبة والمتناقضة حد الغرق في التيه والعجز والميل المرضي للعنف والسلطة والمال.
هذا الرجل كما كان يقول عنه من عرفه لاجئاً في سوريا في الثمانينيات من القرن الماضي، كان شخصاً "نكرة" لم يكن شخصية لامعة في المعارضة العراقية، رغم أنه كان عضواً في حزب الدعوة التابع لإيران، وكان المالكي يسكن في حي السيدة زينب المتواضع في دمشق شخصية منطوية على نفسها وذات علاقات محدودة، ويقول عنه بعض الذين عرفوه في تلك الفترة إنه كان عديم الثقافة، ضحلاً على المستوى السياسي والفكري، وعديم الطموح وكان أقصى ما يتمناه هو العودة لبغداد بعد سقوط نظام صدام حسين لتنفيذ مشروعه "الاستراتيجي" ألا وهو "مخبز" يدر عليه بعضاً من المال ويوفر له قوت يومه، لم يكن يدر في خلده أبداً ما حصل له في نهاية عام 2005، ففي ذاك العام كان ضعفه وقلة حيلته طريقه إلى عالم القوة، حينها كان نوري المالكي عنصر تسوية بين إبراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي وتولى بموجب تلك التسوية منصب رئاسة الوزراء في عام 2006، وبعد أشهر قليلة أخذت ملاح جديدة تظهر على شخصيته، فما كاد يمر العام الأول له في السلطة حتى باتت تنبت له أظافر ديكتاتور صغير غير واثق مما هو فيه من سلطة وترف العيش، وسرعان ما حوله الإيرانيون إلى "صدام شيعي" حسبما يصفه بعض معارضيه من الشيعة، رغم أني لا اتفق معهم بهذا الوصف، فصدام رغم كل ما عليه كان عراقياً صرفاً وهي ميزة يفتقدها المالكي الذي حول العراق بكل قدراته المالية الضخمة، وموارده اللامحدودة إلى مزرعة له ولإيران ولأبنائه والمقربين منه ( ابنه أحمد المتواري عن الأنظار حالياً والملقب "بعدي المالكي" كان رئيس وزراء الظل وقائد الجيش الفعلي)، وأنتج، أي نوري المالكي، جمهورية الفساد الأولى في العصر الحديث، حيث حل العراق في المرتبة الرابعة ضمن الدول العشر الأكثر فساداً في العالم وفقاً لمؤشر منظمة الشفافية الدولية والذي شمل 174 دولة، وتتحدث التقديرات عن أن الدولة العراقية خلال "حقبة المالكي" فقدت على أقل تقدير ألف مليار دولار من خلال صفقات السلاح الوهمية، ومن أبرزها صفقة الطائرات الحربية مع روسيا والتي هي في الأصل طائرات النظام السابق التي أودعت في روسيا خلال الحرب عام 2003، عدا عن صفقة "كاشفات المتفجرات" الفاسدة التي وصلت تكلفتها عشرات الملايين من الدولارات، إضافة إلى بيع النفط لصالح الخزينة الإيرانية ونظام بشار الأسد والذي تقدره المعارضة العراقية بـ 120 مليار دولار، هذا عدا عن قيام المالكي بتسليم الإيرانيين قرابة 40 طناً من الذهب في عام 2014 وهو احتياطي البنك المركزي العراقي من المعدن النفيس، وهي الفضيحة التي مازال يتستر عليها حيدر العبادي إلى الآن.
ورغم هذا التاريخ "المغلف بالفساد والطائفية والانحطاط الوطني والتبعية التامة لإيران" مازال نوري المالكي يكابر وغير متقبل للواقع الجديد وحقائقه، وهو سلوك يؤكد أنه ما زال تحت تأثير السلطة المفقودة ولذتها، والذي استمع لتصريحاته بشأن ضرورة إجراء إصلاحات في العراق بعد انتفاضة الجنوب المطالبة بمحاسبة الفاسدين يتساءل هل هذا هو المالكي الذي أهدر أموال العراق وكرامته الوطنية أم شخص آخر؟؟
رفض المالكي لنتائج لجنة التحقيق النيابية بسقوط الموصل واعتبار نتائج اللجنة بلا أية قيمة هو تحدي "مرض" للواقع الجديد، وهو تحد لا يفرض نفسه على رئيس الوزراء العراقي فقط بل على البرلمان والشارع، ويطالبهما بعد الذي أعلنوه وطالبوا به مزيداً من الاندفاع نحو "تطهير العراق" من نفايات الفساد والطائفية التي أسسها النظام الإيراني في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.
لم تكن زيارة المالكي لطهران مجرد حدث عرضي، الزيارة كانت رسالة قاسية لكل من اعتقد أن هذا الرجل فقد غطاءه الإيراني، فطهران أرادت القول "هذا رجلنا وهو محصن حتى بعد إلغاء منصبه كنائب للرئيس".
مشهد عراقي معقد مليء بالتحديات، فهل ينجح العبادي بصناعة نظام سياسي جديد قريب من أشباه الأنظمة الديمقراطية الموجودة في العالم العربي حالياً، أم أن طهران ستوقعه في مستنقع بناء ديكتاتورية جديدة تولد من رحم الغضب الشعبي؟
مصير حيدر العبادي وبكل أسف ومع الحضور الإيراني الطاغي بالعراق، يقرره نوري المالكي... إنها معادلة صفرية قاتلة على غرار المعادلة الصفرية التي فرضتها طهران في لبنان عبر حسن نصر الله، وهي إما الجنرال عون أو لا أحد!!
شكراً إيران على كل هذا الدمار!!
24