الفحلهاني العزيزي
20-03-2007 02:00 AM
صناعة الكلام ، هي صناعة كل الأزمان ،فهي صناعة رائجة في كل مكان ، وإن تطلب إتقانها " تقنيات " عالية ، ينال عليها بعض أبطالها شهادة " الأيزو " إذ لديهم مواصفات تتناسب والمعايير التي وضعها وخطها فحول صناعة الكلام . وقد تفوق العرب بأغراض الشعر والخطابة المختلفة كالمديح والهجاء والغزل والفخر والوصف ، ويبقى المديح - برأيي المتواضع - أخطرها إن وقع في المبالغة المقيتة ، عكس الغزل الذي يُغفر فيه للشاعر كل مبالغة ، إرضاء للحبيب ، وطلبا لوده ووصله . توفي قريب لي منذ سنوات ، وكالمعتاد في مثل هذا الحال فتحت العائلة بيت عزاء ، وتوافد الأقارب والأنسباء والجيران والأصدقاء لتقديم واجب العزاء ، وفي الليلة الثانية وأثناء التعازي فوجئنا بوقوف شخص لم نعرفه ، يخرج ورقة من جيبه ، وبصوت مرتفع متهدج ، ألقى قصيدة عصماء ، تشيد بمناقب الفقيد ، وتبين لي – من أبيات القصيدة العصماء - أن المرحوم قريبي كان تقيا ورعا ، ستفتقده المساجد ومجالس العلم ، وفوجئت بهذه المعلومة فقريبي - غفر الله له ولنا ولكم - كان " قعّيد قهاوي " من الطراز الأول ، ولعيب " بناكل وهند " لا يشق له غبار ، وكان أول القادمين إلى المقهى ، وآخر المغادرين له ، وزادت حيرتي ودهشتي بأبيات تالية تتحدث عن إقدامه وتصديه للمخاطر والخطوب ، رغم أن سياسة قريبي لم تكن " الحيط الحيط .. ويا رب السلامة " بل كان يسير وراء الحيط توخيا للمزيد من السلامة . وبعد أن ألقى شاعرنا قصيدته قدّم الورقة التي تحمل نص القصيدة بعد طيها إلى أكبر الحضور سنا . زالت دهشة من دُهش ، وعَجب من تعجب مما سمع ورأى ، بعد أن تبين أن شاعرنا الهمام مجرد متسول يتقن إلقاء الكلام ، وأنه يلقي القصيدة نفسها في كل بيت عزاء يدخله ، بعد تغيير اسم المتوفى من " ابو فلان " إلى " ابو علان " ليناله بعض المال مما يجود به الناس ، ووجبة ساخنة من مناسف العشاء. شأنه وشأن قصيدته في ذلك شأن بعض أغاني " المطربين " التي يغنونها في دولة ما ، وتحمل كلماتها تغنيا بدولة ما ، ويستبدلون اسم الدولة باسم دولة أخرى سيتغنون فيها غير الدولة الأولى .
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة