تقييم برنامج الإصلاح المالي
د. فهد الفانك
18-08-2015 04:09 AM
بمناسبة انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ، فقد يكون الوقت مناسباً لإلقاء نظرة على التطورات الاقتصادية والمالية التي تمت في ظل البرنامج خلال ثلاث سنوات هي عمر البرنامج.
استعراض المؤشرات الاقتصادية واتجاهاتهـا ليس أسلوباً دقيقاً للتقييم ، لأنه يقوم على فرضية أن كل التغييرات الحاصلة في تلك المؤشرات تعود حصراً إلى البرنامج ، وبالتالي فإن تحسنها نجاح للبرنامج وتراجعها فشل للبرنامج بصرف النظر عن دور العوامل الأخرى.
صحيح أن تطبيق البرنامج يؤثر على معظم المؤشرات ، ولكنه ليس سوى أحد العوامل المؤثرة ، فهناك ظروف وأسباب أخرى لا يمكن إهمالها مثل الربيع العربي ، وأحداث سوريا والعراق ، وانخفاض أسعار البترول العالمية ، وزيادة أو نقص المساعدات الخارجية ، وأخيراً وليس آخراً ُحسن أو سوء الإدارة الاقتصادية والمالية التي قد تمارسها الحكومة خلافاً لتوجهات البرنامج.
من المؤشرات التي أظهرت تحسناً خلال سنوات البرنامج الثلاث: انخفاض العجز في الموازنة العامة بشكل ملموس ، واستمرار النمو الاقتصادي الإيجابي ولو بنسب متدنية ، وانخفاض العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، وارتفاع حوالات المغتربين ، وارتفاع احتياطي البنك المركزي من الذهب والعملات الأجنبية مما يحمي الاقتصاد الوطني من الصدمات.
في الجانب السلبي ظلت نسبة البطالة تراوح حول 12% ، واستمر الدين العام في الارتفاع بالأرقام المطلقة وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، وزادت حصة الدين العام المحرر بعملات أجنبية كأحد مكونات الدين العام.
جاء البرنامج في اوج موجة الربيع العربي عندما لم يكن الهدف تحقيق معجزات بل مجرد الحفاظ على الاستقرار وحماية الاقتصاد الوطني من التراجع. ولا بد هنا من التذكير بأن البرنامج ليس من إملاءات صندوق النقد الدولي بل أعدته الحكومة الأردنية وعرضته على الصندوق للموافقة والمتابعة.
لم تكن الحكومة الأردنية عند وضع البرنامج في 2012 وليست الآن في 2015 بحاجة لإرشادات الصندوق حول ما يجب عمله ، فالمطلوب ليس إرشادات الصندوق التي يسميها البعض إملاءات ، بل إقناع المانحين والدائنين بأن الاقتصاد الأردني قوي وأنه يسير بالاتجاه الصحيح بشهادة الصندوق ، وبالتالي فإن الأردن يستحق المزيد من المنح والتسهيلات ، وبهذا المقياس حقق البرنامج النتيجة المطلوبة.
الراي