الأردن .. ماذا تبقى في جعبة شهرزاد من حكايات عن السلام والاعتدال
فهد الخيطان
17-05-2008 03:00 AM
الترتيبات البديلة تطل برأسها على المنطقة بعد فشل المفاوضات...
كان خطاب الرئيس الامريكي في الكنيست الاسرائيلي بمثابة نكبة جديدة حلت بالمعتدلين العرب وضربة قاضية لعملية السلام التي تصارع للبقاء في الجولة الاخيرة من المفاوضات قبل انتهاء ولاية بوش.
وامعانا في الاستهتار تجاه دول الاعتدال, وبعد خطاب توراتي في القدس المحتلة توجه بوش الى السعودية متجاهلا حالة السخط في الشارع العربي والاسلامي بعد كلماته المقززة في الكنيست.
قبل مجيء بوش للمنطقة طلبت اطراف عربية من بينها الأردن من الرئيس الامريكي استثمار الزيارة لتحقيق انجاز في المفاوضات السرية الدائرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بدلا من اختصارها على خطاب احتفالي بذكرى النكبة. لكن بوش اكتفى وهو في طريقه للشرق الاوسط الطلب من الفلسطينيين القبول بما هو معروض عليهم من الاسرائيليين.
العرض الاسرائيلي لا يتضمن أي اشارة للقدس او حق العودة ويقدم حلا للمستوطنات يقوم على تبادل للاراضي يصب في مصلحة اسرائيل على ان يكون وادي الاردن حدوداً دولية لاسرائيل.
الأردن ينظر بقلق بالغ للعرض الاسرائيلي ولا يتوقع ان يوافق عليه الجانب الفلسطيني واسرائيل من جهتها غير مستعدة لتعديل بنود الحل المطروح.
عندها سيقال ان الفلسطينيين ضيعوا برفضهم الفرصة التاريخية للحل وسيكون ذلك بمثابة فشل لعملية السلام.
بيد ان اوساطاً دبلوماسية غربية وفي اتصالاتها المستمرة مع الجانب الأردني تؤكد ان اتفاق مبادىء سيوقع من الجانبين في شهر آب المقبل. وسيسبق هذا الاتفاق عدوان اسرائيلي واسع على غزة يهدف الى اقامة منطقة امنية عازلة على الحدود بين غزة واسرائيل كما يهدف الى اضعاف سلطة حماس في القطاع.
بنود الاتفاق التي صيغت بمعرفة شخصيات اردنية رسمية كما يقال تنطوي على اجحاف بحق الأردن وحقوق الفلسطينيين. ولهذا يعتقد مسؤولون اردنيون كبار ان فرص توقيع الاتفاق المزعوم تبدو مستحيلة.
وسط حالة التشاؤم بفرص انجاز اتفاق سلام عادل قبل نهاية العام الحالي يشعر الاردن بان دول الاعتدال العربي تفتقر لاستراتيجية بديلة للتعاطي مع التطورات السياسية. فيما الاطراف الاخرى في المنطقة سواء كانت اقليمية او دولية تعرف ماذا سيجري في المنطقة خاصة بعد النجاح الذي تحقق في لبنان وكرس حزب الله كلاعب رئيسي, فيما تبدو حركة حماس هي المؤهلة لخلافة سلطة عباس في الضفة الغربية.
وقد تجلى عجز دول الاعتدال في النجاح الذي حققته الوساطة القطرية في لبنان بعد ان تمكنت من جلب كافة الفرقاء اللبنانيين الى الدوحة لعقد مؤتمر للحوار الوطني سيكون في حال نجاحه بديلا عن اتفاق الطائف.
وفي غياب التفاهم الاستراتيجي بين دول الاعتدال وانكشاف ما يمكن وصفها »بكذبة الاعتدال العربي« تثور مخاوف اردنية من ترتيبات يجري طبخها في دوائر امريكية واسرائيلية تقضي بتولي الاردن دوراً أمنيا واداريا مباشرا في الضفة الغربية يفضي في نهاية المطاف الى الحاق السكان من دون الارض بالأردن. ولهذا يراقب الاردن عن كثب تطورات الوضع في غزة. فالمصريون يحاولون بشتى الوسائل تثبيت التهدئة مع اسرائيل التي اتفقت عليها الفصائل في القاهرة مؤخراً. لكن مدير المخابرات المصرية لم يفلح في اقناع اسرائيل بقبول اتفاق التهدئة الذي ينظر اليه من اطراف عربية على انه ورقة قوة لحماس تعطي للاسرائيليين مبررا للمماطلة وان كانت اسرائيل في الاصل لا تحتاج الى مبررات.
اسرائيل تهدف الى تعزيز الفصل بين غزة والضفة الغربية وصولا الى الحاق القطاع اداريا وأمنيا بمصر. القيادة المصرية ترفض هذا السيناريو لغاية الآن لكن لا يمكن التنبؤ بموقفها في المستقبل في ضوء حسابات داخلية معقدة للنظام المصري. الاردن يسعى بكل الوسائل لكي لا يحصل ذلك لانه يفتح الباب لسيناريو مماثل في الضفة الغربية سيكون من الصعب مقاومة الضغوط لتمريره.
ترى ما الذي يمكن للأردن ان يفعله وسط هذا الفشل الاستراتيجي لقوى الاعتدال في المنطقة. وأي حكاية جديدة لشهرزاد ان تختلقها في الليالي المقبلة حتى لا يقطع شهريار رأسها?.
العرب اليوم.