هذا ليس عنوان فيلم كوميدي على غرار سمك تمر هندي، انه أقانيم هذا الصيف وكل صيف، فالعصير المغشوش والمصبوغ بالوان برتقالية اكثر من البرتقال وليمونية اكثر من الليمون والعرق المتصبب من كل مسامات الجسد رغم محاولات التبريد لا ينافسهما في عالمنا العربي غير ما يجري على امتداد خطوط الطول والعرض من دموع ودماء..
اعراس ومآتم في وطن تمت فيه القطيعة واعلن الطلاق البائن بين العربي وتوأمه اللدود وبين الواقع بكل ما يعج به من كوارث وازمات مرشحة للانفجار بعد ان تعذّر الانفراج، انها كوميديا يمكن ان تسمى رملية او رمادية او سوداء لا فرق لكن ما من «دانتي» عربي بدأ في كتابتها!
لم يحدث من قبل ان اعلن كل فرد جمهوريته وملكوته بحيث لا يعنيه احد خارج باب بيته وما كان طريفا ذات يوم عندما نسب الى جحا اصبح قاعدة في ايامنا، ولم تعد قطعان المواشي تنفرد وحدها بالعمى عن ادراك مصيرها وهي تصطف في طابور امام المسلخ، بحيث تشتبك على عشبة او تنزو على بعضها، فالبشر اصابتهم عدوى القطعنة واصبحوا يشتبكون على زبيبة، وهم قاب خطوتين او ادنى من السكين!
احيانا نتصور بأنها شحة خيال واحيانا نصدق ما قاله مثقف عربي ساخر عن عبقرية الاستبداد والتخلف التي اعادت الانسان الى سعدان في اقل من نصف قرن؛ رغم ان تحوّله من سعدان الى انسان -إنْ صدق داروين- استغرق ملايين السنين.
ما نعجز عن فهمه وتفكيك لُغزه الان هو هذه اللامبالاة، وهذا الانتصار الحاسم للغرائز وخلايا الدماغ الزواحفية على الوعي.
كأن كل من يذبحون على مدار اللحظة ليسوا منّا، وكأننا جميعا لسنا منّا، فالانسان في ذروة الاغتراب يصبح سواه .
انه ثالوث العرق والعصير المغشوش والدم الذي تحوّل الى ماء، فالاظفر ينتزع الان من لحم الاصبع وشرايينه بلا ألم!
وما قاله العربي -الذي لم نظفر به لقطع رأسه فقطعنا رأس تمثاله في المعرّة- عن تشابه النذير والبشير هو الان عنوان مرحلة، فالاعراس مآتم والشروق غروب والقمح زوان والشحم ورم، فهل ثمة متسع بعد كل هذا لمزيد من الصمت والتواطؤ؟!!
الدستور