العقد الموحد وإشكالية التزام المدارس الخاصة
فيصل تايه
16-08-2015 02:15 PM
من المفترض ان تلتزم المدارس الخاصة بالقانون والتعليمات والعقد الموحد وشروطه، وكذا تتحمل الجهات المشرفة متابعة ومراقبة تنفيذ بنود القانون ومعرفة مدى التزام المدارس الخاصة بنصوص ذلك وما يتبعه من مسؤوليات، فنتاجات العملية التعليمية ميدانياً في بعض المدارس الخاصة وللأسف بعيدة كل البعد عن الأهداف التي حددها القانون ونصت عليها التعليمات إلا أننا لاننكر على الاطلاق أن الهدف التجاري نجح لأصحاب بعض هذه المشاريع! ومعها تحققت أرباح خيالية لكن على حساب التعليم وجودته.
اشكالية التزام بعض مدارس التعليم الخاص بتطبيق القانون وما يعقب ذلك من تبعات ومآسي متشعبة من جميع جوانبها تحتاج إلى مراجعة من كل الجهات ذات العلاقة مجتمعة، إلا أن القضية الملحة والتي تعكس نفسها على مستقبل هذه المدارس وترتبط بمعيشة العاملين فيها وبحقوق الإنسان وحفظ كرامته هي قضية أجور المعلمين والعاملين وعدم التزام البعض بالعقود الموحدة وشروطها العادلة خاصة ان التزام بعض المدارس في الظاهر يأخذ طابعا شكليا، لذلك فمن الأهمية بمكان وضع آلية ملزمة للتقيد بالعقود وبالحد الأدنى للأجور تضع حداً لشراهة الملاك للمال على حساب العملية التعليمية ووضع ذلك شرطاً أساسياً لمنح أو تجديد ترخيص المدارس الخاصة لبعض من استباحوا كل محرمات التجارة من احتكار وغش وما تمادوا باستباحة العلم والتعليم وعقول أبنائنا ومستقبلهم. ماذا نتوقع من معلم يتقاضى راتباً أقل من مئة او مئتي دينارٍ شهريا، وما نوع المُخرج التعليمي الذي يمكن أن ينتجه ذلك المعلم أو تلك المعلمة وبنصاب لا يقل عن 26 حصة أسبوعياً، ومرافقة الباص وأعمال مختلفة ونشاطات قاسية وو...، ذلك ليس نسيجاً من الخيال أو تجنياً على أحد وإنما أمر واقع في الكثير من المدارس الخاصه فأين الجهات المسؤولة ممثلة بوزارتي التربية والتعليم وزارة العمل ودورهما في حماية العاملين ولا نريد ان نسمع أحداً يقول أن وراء الأكمة في هذا القطاع ما وراءها.
إن أي أجر يقل عما حدده القانون بموجب العقد الموحد يعد استغلالاً لحاجة الإنسان وعبثاً بكرامته فعلى أي أساس يتم منح تراخيص لمدارس يفترض أنها تربوية وتعليمية تمتهن كرامة المعلم بأجر لا يلبي الحد الأدنى من حاجاته المعيشية في اليوم وهو دخل يقل بكثير عن المعيار الأساسي الذي وضعته الأمم المتحدة لمن يعيشون تحت خط الفقر، ولماذا نجد احيانا بعض الجهات المسؤوله تغض الطرف عن هذه الممارسات ولم تؤد الدور المناط بها في حماية العمال والموظفين من استغلال أرباب العمل بكل المعايير الدولية في الاستغلال، وكيف يعمل شخص 9ساعات يومياً في ظروف قاسية بين التدريس والتحضير والتصحيح والمراقبة والمتابعة بأجر يومي لا يسد رمق العيش . دعوني أتحدث بكل صراحة واخص بالذكر هنا الأخوات المعلمات تحديدا والعاملات في القطاع التعليمي الخاص، حيث الفتاة التي أكملت تعليمها الجامعي وتجاوزت كل العوائق الاجتماعية في الدراسة الجامعية تجد نفسها مجبرة على العمل في بعض المدارس الخاصة ملاكها لا يفقهون من التربية والتعليم أبجدياتها وتعمل بأجور لا تكفي قيمة مصروفاتها الشخصية ومواصلاتها في ظل نظام إداري مدرسي مستبد لا يمنح المعلمة أدنى الحقوق الإنسانية أو القانونية، فتحرم من الإجازات وحتى إجازة الأمومة، فلا تأمين صحي معقول في ظل عقود عمل متباينة من مدرسة إلى أخرى لا تخضع للمعايير الحقوقية أو القانونية، وللأسف إن البعض يتواطئ مع بعض المدارس في تقديم كشوفات وهمية تحرم المعلمات من حقوقهن. ان دور نقابتي المعلمين و أصحاب المهن التعليمية لا يجد صدى لصوتهما لتعارض مصالح كبار منتسبيها من ملاك المدارس الخاصة وتجد ذلك الصوت خافتا ما يلبث ان يتوارى، أو ليس المعلمون والمعلمات الذين يعملون في المدارس الخاصة جزءً من شريحة المعلمين ومحسوبين على القطاع التربوي والتعليمي فأين دور النقابتين الفعلي في تبني هموم وقضايا هؤلاء والدفاع عن حقوقهم أم أن دورهم يأتي فقط لتعطيل أي إصلاحات تربوية تستهدف العملية التعليمية.
نعي تماماً أن الجهة المشرفة قانونياً على هذه المدارس هي وزارة التربية والتعليم وهي المخولة بمنح تراخيص مزاولة العمل ورغم علم الجميع أن بعض هذه المدارس لا تمتلك الحد الأدنى من الشروط القانونية للتراخيص، ورغم صوابية اجراءات الوزارة وتنفيذها للتعليمات فيما يتعلق بحقوق المعلمات في المدارس الخاصة وإخضاع تلك المدارس للقانون الفعلي النافذ وتفعيل العقد الموحد إجباريا الا أن بعض المدارس الخاصة ما زالت تحمل عقود وهمية مموهة ما يحتاج الى فرض رقابة مشددة على ذلك وإلزام تلك المدارس بمنح المعلمات كافة الحقوق الممنوحة لهن التي يضمنها قانون العمل، وكذلك فنحن بحاجة الى تدخل مؤسسات المجتمع المدني الشريك الحقيقي لوزارة التربية والتعليم وتضع هذه الحقوق في أجندتها وتقدم قائمة سوداء باسم المدارس الخاصة التي تنتهك حقوق المرأة وتقوم برفع دعاوى قضائية ضد هذه المدارس كي تثبت مصداقيتها في الدفاع عن قضاياها؟
رأي يطرح نفسة للنقاش لكل الجهات المسؤولة... والله ولي التوفيق